الإسلامية هو ما نسمّيه بالتحوّل إلى الطائفية الضيّقة، حيث سعت هذه الروح الطائفية للابتعاد عن الحوار الذي دعا إليه القرآن الكريم، ونسيان حالة التسامح والمداراة الإسلامية، والخوض في جدال عقيم في بعض الأحيان وممقوت أخلاقياً. ورحنا نشهد فترات مريعة، وأساليب لا إسلامية من التكفير والتفسيق والتبديع، كما يعبّر الشيخ القرضاوي[39]، ممّا أدّى بعد ذلك إلى نزاع عريض سالت على أثره أنهار من الدماء والدموع، ممّا مزّق الأمة، وأزالها عن موقعها الحضاري المطلوب[40]. ومن هنا فنحن ندعو بجدٍّ لإعادة الحالة المذهبية إلى وضعها الطبيعي، عبر إشاعة روح الحوار الإسلامي البنّاء، والتآلف القلبي، والبحث عن المساحات المشتركة، وهو ما نعبّر عنه بـ «حركة التقريب بين المذاهب الإسلامية». حركة التقريب بين المذاهب الإسلامية إنّ ما أُطلق عليه اسم «حركة التقريب» في العقود الأخيرة يمتلك جذوراً تمتدّ إلى أقدم العصور الإسلامية، لأنّها تستمدّ أصالتها وحيويتها من أصول الشريعة الغرّاء، وتتوضّح ضرورتها كلّما اتّسع نطاق مسؤولية هذه الأمة في صنع الحضارة الإنسانية، أو الإسهام الفاعل فيها على الأقلّ. لقد وضع علماء وشخصيات كبيرة في أواخر الأربعينات من القرن الميلادي الماضي اللبنات الأولى لهذه الحركة المباركة، وجاهدوا حقّاً في تبيين معالمها، وكتبوا العديد من المقالات لترسيخها في النفوس، بعد أن أصّلوها وبيّنوا جذورها الشرعية، وضرورتها المتنامية. ونحن سعداء حقّاً إذ نجد هذه البذرة قد نمت وتحوّلت إلى شجرة طيّبة، أصلها ثابت وفرعها في السماء، تؤتي أُكلها كلّ حين بإذن ربّها. الأسس العامّة لحركة التقريب إنّنا نعتقد أنّ الإيمان بمسألة التقريب يتأتّى بكلّ منطقية إذا لاحظنا الأُسس التالية التي