وينبغي التنبيه على أنّ البعض يحاول إلجاء الطرف المخالف للخروج من الحدود الإسلامية، من خلال ذكر لوازم قوله مثلاً بهذا الرأي. وهذا الأُسلوب مرفوض في هذا المجال ما دام الطرف الآخر لا يعتقد بهذا اللزوم، إذ لو كان يعترف به كان عليه التراجع بعد أن نفترض إيمانه بالأصول المذكورة. فلا يمكن أن نخرج فرداً عن الإسلام لأنّ من لوازم قوله ـ في نظرنا ـ نفي الأصول الأولى، وبهذا نحلّ مسألة الاتّهام بالابتداع والشرك. سابعاً: من الواضح أنّ مصادر التشريع لدى كلّ المسلمين هي الكتاب والسنّة، ولايتنافى هذا مع الاختلاف مثلاً في علاقة الكتاب بالسنّة، وهل لها أن تخصّص العام الكتابي مثلاً أم لا، ولا مع الاختلاف أحياناً في الطرق الموصلة إلى السنّة، ولا مع الاختلاف مثلاً في دلالة التقرير النبوي، ولا مع الاختلاف في وجه صدور الأمر النبوي، وهل هو باعتباره حاكماً أو باعتباره رسولاً. ثامناً: أمّا منطق الاتّهام والتشكيك، فنحن منهيّون عنه. تاسعاً: أنّ حركة التقريب كما هو واضح لا تستهدف التذويب مطلقاً، وهي تؤمن بأنّ المذاهب كلّها ثروة لهذه الأمة والحضارة، كما تؤمن بأنّ فكرة المذهب الواحد خيال محض. التقريب ضرورة ملحّة ربّما كان من نافلة القول الحديث عن ضرورة الوحدة الإسلامية بعد أن كانت من الخصائص القرآنية للأمة الإسلامية، حتّى لكأنّها تفقد هويتها إذا فقدت وحدتها، وتغرق في الفتنة والفساد إذا تمزّقت عرى الولاية بين أفرادها، يقول تعالى: (وَالَّذِينَ كَفَرُوا بَعْضُهُمْ أَوْلِيَاءُ بَعْض إِلاَّ تَفْعَلُوهُ تَكُن فِتْنَةٌ فِي الاَْرْضِ وَفَسَادٌ كَبِيرٌ)[29]. وللوحدة الإسلامية سبلها ومحقّقاتها وبرامجها التي رسمها الإسلام بكلّ إحكام وشمول، تنتهي بالتالي إلى تحقيق هذا الأمر الكبير.