وبعد كلّ هذا نقول: إنّ عقيدتنا تدعونا إلى الوحدة الإسلامية، وإنّ نظامنا يدعونا إلى الوحدة الإسلامية، وإنّ استراتيجيتنا السياسية تدعونا إلى الوحدة الإسلامية. فلماذا هذا التواني؟! ولماذا التحيّر؟ إنّها فرصة الوحدة الإسلامية الكبرى، فلننطلق لتحقيقها تحت لواء القرآن الكريم، ولنستمع بعد ذلك إلى النداءات المخلصة التي يطلقها القادة والمفكّرون، ونغضّ الطرف عن كلّ ما يشين ويمزّق هذه الوحدة، بعد أن نمتلك المقياس الذي نشخّص به الموجّهين الحقيقيين عن الأشخاص المزيّفين، وأدعياء الوصاية على الدين، وهم محكومون لمخطّطات الكفر والاستكبار. حول التقريب والتفاهم بعد هذه النظرة السريعة يتبيّن لنا أنّ التفاهم أمر يدعو إليه القرآن وينظّمه، لا بين المتديّنين فحسب، بل بين بني البشر عموماً، إلاّ أولئك الذين انتهجوا منهج العناد والظلم. وهذا الأمر يتركّز أكثر عندما ندخل إلى الساحة الإسلامية: ساحة الأُخوّة والوحدة، والتسامح والقبول بأصول الإسلام، واستيعاب اختلاف الاجتهادات، الساحة التي يتّفق فيها المسلمون على الأصول كما يتّفقون على نسبة مئوية كبيرة من الحياة التشريعية، بل وربّما يندر الاختلاف في بعض النظم الإسلامية أو ينعدم من قبيل النظام الأخلاقي، والنظام التربوي، ونظام المعاملات، ونظام العقوبات وغيرها. نعم ندخل الساحة الإسلامية التي يخاطبها القرآن الكريم بخطاب واحد (يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا) والتي تستقي معالم دينها من منبع واحد رغم اختلاف الطرق أحياناً، هذه الساحة ذات الشعار الواحد، والاتّجاه الواحد، فإنّ التفاهم حينئذ يعود من البديهيات الإسلامية التي لاتحتاج إلى استدلال وبرهان. شبهات في البين وقد أُثيرت في البين شبهات، تارةً بحسن نيّة وأخرى بنيّة سيئة، من قبيل: 1 ـ أنّ الاختلاف بين المذاهب الإسلامية إنّما هو في الأصول.