الواقع الممزّق قد يقال قبل كل شيء: لماذا هذا التصوير المتشائم للواقع؟ ألسنا نمتلك منظمات إسلامية كبرى، واتّحادات مشتركة، ومؤتمرات قمة إسلامية، وتوجّهات مشتركة، وأمثال ذلك، فلم هذا التشاؤم؟! والحقيقة: إنّنا يجب أن لا نخدع أنفسنا، فالتفاؤل المفرط أشدّ ضرراً من التشاؤم المفرط، وإلاّ فلماذا هذه الاتّجاهات المختلفة في العالم الإسلامي؟ ولماذا عدم التوحّد حتّى على قضية هامة كقضية فلسطين؟ ولماذا هذا الاختلاف الكبير في مستوى المعيشة والقدرات والإمكانات، فبين جزء إسلامي لا يجد ما يأكل وجزء إسلامي متخم من كثرة الأكل والترف؟ ولماذا لا نملك اليوم معالم الأمة الواحدة الشاهدة، والتي هي خير أمة أُخرجت للناس؟ إنّ هذه المنظمات خطوات صغيرة، وربّما كانت أحياناً للتغطية السياسية والتمويه والتخدير. ولماذا تروّج بيننا الدعوات الممزّقة: القومية، والوطنية، والجغرافية الضيّقة، والعلمانية، وأمثال ذلك؟ لماذا لانملك على الأقلّ أن نحسّس كلّ المسلمين بقضايانا الكبرى في فلسطين وغيرها، فنخرجهم من حالة اللامبالاة؟ لماذا لم ندرك لحدّ الآن جميعاً: أنّ القوى الكبرى وفي طليعتها أميركا لاتريد بنا إلاّ شرّاً؟ لقد بلغ بنا الحال إلى حدٍّ يسعى فيه البعض إلى مدّ اليد إلى الصهيونية عدوّة الإسلام! إنّ واقعنا ممزّق بلا ريب، وعليه أن يعي عوامل هذا التمزّق. عوامل التمزّق إنّ أهمّ عوامل التمزّق اليوم هي: الاستعمار والاستكبار العالمي، والذي يستفيد من أرضية ملائمة للتمزّق، هي أرضية التعصّب، والجهل، والمصالح الضيّقة. إنّ الاستكبار العالمي اليوم يحسّ بأنّ الأمة الإسلامية تمتلك كلّ عناصرالنهوض، وتمتلك رسالة واقعية إنسانية، وعناصر مادّية وبشرية، وقيادة حقيقية قدّمت تجربةً رائعة،