3 ـ وأنّهم لم يحتاجوا إلى أحد في حياتهم العلمية، سوى المعصوم الذي سبقهم. 4 ـ أنّ أعلام الأمة ورجالات المسلمين، بدءاً بالخلفاء الراشدين وأئمة المذاهب الإسلامية وحتّى الآن، شهدوا بأعلمية أهل البيت، وبحاجة المسلمين إلى مرجعيتهم العلمية. 5 ـ أنّ أهل البيت وظّفوا علمهم لخدمة الأمة ومصالحها، برغم قساوة الظروف التي واجهتهم. 6 ـ وبناءً على ما سبق فإنّ لأهل البيت (عليهم السلام) مرجعية علمية عامة للمسلمين. دون أن يؤثّر في ذلك زمان أو مكان، وهو الحدّ الأدنى الذي يتّفق عليه المسلمون بشأن محورية أهل البيت في الوحدة الإسلامية. فإذا كانت الإمامة السياسية لأهل البيت موضع جدل بين المسلمين، فإنّ المرجعية العلمية هي ـ وفقاً لما سبق ـ نقطة التقاء بين المسلمين[28]. واتّفاق المسلمين على هذه الحقيقة أمر في غاية الأهمية; لأنّ من شأنه تقرير مصير الأمة في قضية طالما حاول الحكّام وحاولت السياسة التعتيم عليها طيلة مئات من السنين. ونخلص من هذا كلّه إلى أنّ الأمة الإسلامية لكي توسّع من مساحة مصادرها الأصيلة، ومقدرتها على مواجهة التساؤلات الحياتية المتنوّعة، وتنسجم أكثر مع توجّهات القرآن الكريم والسنّة الشريفة، يجب أن ترجع إلى هذا التراث الضخم، وتستمدّ منه ما يركّز موقعها الحضاري المطلوب. وإنّ البحث عن المرجعية العلمية والتفسيرية لأهل البيت (عليهم السلام) لايعني أننّا ننكر العطاء العلمي والسلوكي للصحابة الكرام، والتابعين، والعلماء المسلمين، الذين زكّوا أنفسهم، وقدّموا بدورهم إسهاماً حضارياً وعلمياً كبيراً على مدى العصور، فهم رضي الله عنهم شكّلوا رافداً كبيراً باستمرار للمسيرة الحضارية، وإنّما قصدنا أن نبيّن عظمة أهل البيت، ومحوريّتهم العلمية، والتي صدّق بها الجميع، ليكونوا المحور الثالث الذي يجمع هذه الأُمة، ويصنع وحدتها المنشودة. إلاّ إنّنا نكتفي بما قلنا لنتحدّث عن واقعنا الممزق اليوم، والعوامل التي ساعدت عليه وأساليب التخلّص منه.