والعام، والمحكم والمتشابه، فوضع كلّ شيء موضعه...»[22]. بهذه الدقّة يتعرّض تلميذ رسول الله (صلى الله عليه وآله) إلى الرواة في عصره، وهو ألصق ما يكون بعصر الرسول، فكيف بنا ونحن نعيش هذا الفاصل الزمني البعيد؟ إنّ الأمر يتطلّب ـ لا محالة ـ جهداً وبذلاً للوسع في هذا المجال، وهذا ما يقودنا إلى التأكيد على النقطة الثانية. النقطة الثانية: وهي نقطة مهمّة جداً، يجب التركيز عليها، وملخّصها: إنّنا أذ نرفض الشبهات الماضية، ونرفض القبول المطلق لكلّ ما جاء نمتنع ـ في نفس الوقت ـ عن تسليم السنّة ـ حتّى الموثوق بها ـ إلى كلّ فرد مهما كان مستواه، وفسح المجال له ليفهم منها ما يشاء وينسبه إلى الإسلام. فإنّ هذا المنحى خطر جداً وإن كان دعاته اليوم كُثَّر في عالمنا الإسلامي، متذرّعين بأنّ الإسلام لكلّ الناس، فلماذا تحصرونه بأيدي عدّة قليلة، خالطين بذلك بين هذا وبين كيفية فهم الواقع الإسلامي واستنباطه من النصوص؟ مَثَلهم في هذا مَثَل من يدعو لتسليم الذرّة لكلّ من يطلبها ليستخدمها كيف يشاء، بحجّة أنّها وجدت لصالح الجميع! إنّ ملاحظة ما سبق، وإدراك احتياج فهم الواقع الإسلامي من الكتاب والسنّة الشريفة إلى دراسات تخصّصية معمّقة في المجالات اللغوية والفقهية ـ اصولاً وفروعاً ـ والتفسيرية والرجالية وغيرها، لهو ممّا يمنع بتاتاً من نفي التخصّص والخبرة، وعدم الركون إليهما. وإنّنا لننبّه أمثال هؤلاء إلى الآثار الخطيرة التي تنجم عن رأيهم هذا من: * شيوع الفهم القاصر للإسلام. * وفقدان العمق والأصالة التي تميّزه عن غيره. * وفسح المجال للأهواء أن تتلاعب بالمقدّرات الإسلامية. * وعدم قدرة الصورة الناتجة على الصمود امام الإشكالات والشبهات. هذا بالإضافة إلى أنّه يجعل المذاهب بعدد الأفراد، فويل للأمة من مثل هذا اليوم الرهيب! يوم يفتي فيه العسكري، ويدلي فيه هذا الموظّف برأيه في الإسلام، وذاك الملك،