مع كلّ العصور، وأنّ حلاله حلال إلى يوم القيامة وحرامه حرام إلى يوم القيامة، وأنّه أُسوة حسنة لكلّ المؤمنين عبر التاريخ، ممّا أوجد لدى المسلمين آنذاك قاعدة الاشتراك أي اشتراك غيرهم معهم في الأحكام. فمتى ما شكّ في اختصاصهم هم بحكم، أو حتّى اختصاص الرسول بحكم دونهم، جاءت قاعدة الاشتراك حاكمة في البين. خامساً: وراح هؤلاء يسوقون الأمثلة على تغيّر المصطلحات عبر الفترات الزمانية، فمصطلحات «الوطن» و«الاشتراكية» و«الرعية» وغير ذلك قد تغيّرت رأساً على عقب، ومن هنا فما أدرانا أنّ ما نفهمه من الروايات هو المقصود الواقعي منها. ونحن لانشكّ في أنّ بعض ظواهر اللغة والكلام متطوّرة عبر مؤثّرات مختلفة لغوية وفكرية، واشراطات تاريخية معيّنة، فيختلف المعنى الظاهر في عصر الصدور عمّا يظهر في عصر آخر. والمعوّل عليه هو الظهور في عصر الصدور لا غيره. إلاّ أنّ هناك أصلاً عقلائياً ممضىً حتماً من قبل الشارع المقدّس بالإقرار بما يسمّى بـ «أصل عدم النقل» أو كما يسمّيه العالم الشهيد السيد محمد باقر الصدر بـ «أصالة الثبات في اللغة» يحلّ المشكلة موضّحاً أنّ العقلاء يبنون على هذا الأصل باعتبار البطء في حدوث أيّ تغيير في المفهوم من اللفظ، ممّا يجعله في نظرهم أمراً استثنائياً. فمتى ما شككنا في تغيّر ما، بنينا على عدمه، ولا مشكلة في البين مطلقاً. سادساً: وذكروا أنّ هناك الكثير من الروايات المفتراة، فكيف نتأكّد من الصدور والحال هذه؟ والجواب على هذا واضح بعد الذي قدّمناه، إذ أنّنا بعد التجاوز عمّا يؤدّي إلى العلم بالمضمون من الروايات، نقول: إنّ الشارع عبَّدنا بمضمون أخبار الآحاد التي يرويها الثقات، وأكمل كشفها الناقص عن الواقع التشريعي ـ باعتبار كونها ظنّية ـ تعبّداً لا وجداناً، فاعتبرها كالعلم بالواقع. فنحن معذورون إذا عملنا بها وخالفت الواقع، وهي منجّزة علينا، فليس لنا المخالفة، فما علينا إذاً إلاّ الفحص والتمحيص الدقيق في السند والمتن والمداليل، ومتى ما انتهى البحث فنحن معذورون أمامه تعالى إذا كانت مخالفة للواقع، وهذا هو مقتضى الحجّية. سابعاً: وربّما طرح البعض شبهة تقول: إنّ تعليمات الرسول خصوصاً في المجال الاجتماعي، كانت تقتضي كونه وليّاً للأمر، لا مخبراً عن الشارع المقدّس، أو على الأقلّ