والواقع أنّ المسألة خطيرة مصيرية يجب أن لا نمرّ بها مرور الكرام، بل نقف عندها وقفة واع فقيه بالأبعاد الخطيرة لها. ضرورة اتّباع السنّة والعمل بالحديث لا أغالي إذا ادّعيت أنّ الضرورة العلمية بين المسلمين قائمة على لزوم اتّباع سنّة الرسول (صلى الله عليه وآله) إلى يوم القيامة، بل والعمل بها من خلال مضامين الأحاديث الواصلة إلينا. ومن هنا فكلّ تشكيك بذلك إنّما هو مجرّد شبهة في قبال ضرورة، وقد انصبّ التشكيك في الواقع على الوعاء الموصل للسنّة الشريفة وهو الخبر، وخصوصاً الخبر غير المفيد للعلم، ويدعى اصطلاحاً بخبر الواحد. ولكنّ التأمّل في المستندات المطروحة، المنبّهة على هذه الضرورة، ينفي كلّ تشكيك. فالتأمّل في الآية الكريمة: (يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا إِن جَاءَكُمْ فَاسِقٌ بِنَبَإ فَتَبَيَّنُوا أَن تُصِيبُوا قَوْماً بِجَهَالَة فَتُصْبِحُوا عَلَى مَا فَعَلْتُمْ نَادِمِينَ)[20]، وملاحظة مفهومها من عدم لزوم التبيّن إذا كان المخبر غير فاسق، يؤدّي إلى حجّية قول هذا المخبر. وكذا التأمّل في قوله تعالى: (وَمَا كَانَ الْمُؤْمِنُونَ لِيَنْفِرُوا كَافَّةً فَلَوْلاَ نَفَرَ مِن كُلِّ فِرْقَة مِنْهُمْ طَائِفَةٌ لِيَتَفَقَّهُوا فِي الدِّينِ وَلِيُنذِرُوا قَوْمَهُمْ إِذَا رَجَعُوا إِلَيْهِمْ لَعَلَّهُمْ يَحْذَرُونَ)[21]، وغير ذلك من الآيات، ولو لم يكن قولهم حجّة لم يكن مجال للحذر. وكذا التأمّل في التواتر المعنوي الذي تشعّ به الروايات الكثيرة، وأخيراً التركيز على السيرة الإسلامية القطعية على العمل بخبر الثقة وإن لم يفد علماً، كلّ ذلك ينبّهنا لهذه الضرورة والبديهة. دوافع المشكّكين يمكننا أن نلخّص دوافع المشكّكين على اختلافها بما يلي: 1 ـ فسح المجال للاقتباس الفكري. ذلك أنّ السنّة إذا كانت محكمة في التشريع والمفاهيم إلى جنب القرآن الكريم، أعطتنا