وهناك أساليب قرآنية في هذا المجال، منها: طرح المعالم والخصائص المميّزة لهذه الأمة، ومنها: تكتيلها ضدّ عدوّها المشترك، وتذكيرها بأنّه متّحد ضدّها... وغير ذلك. المحور الثاني: السنّة النبوية ربّما أمكن القول بأنّه لم تواجه أيّ رسالة أو عقيدة ما واجهه المبدأ الإسلامي من هجوم شرس على مختلف الأصعدة، وبشتّى الأساليب الممكنة خلال تاريخه الطويل، بالسيف والعذاب، والتُهم والإشاعات، والتشويه والتشريد، واللغو والتحريف، والتشكيك في كلّ شيء. وكلّ ذلك أمر توقّعه الإسلام وأعدّ له عدّته، ومن ورائه مدد الله وعونه، وكذلك يجب أن يتوقّعه كلّ عامل لصالح الإسلام، ويعدّ له عدّته، على أساس أنّ ذلك سنّة تاريخية: (وَمَا أَرْسَلْنَا فِي قَرْيَة مِن نَذِير إِلاَّ قَالَ مُتْرَفُوهَا إِنَّا بِمَا أُرْسِلْتُم بِهِ كَافِرُونَ)[18]. ولعلّ أخطر ما في الحملات: التشكيك بالمنابع الأساسية لهذا المبدأ السامي، وإضعاف الثقة به. ومن ثم إذابة كلّ ما يتوقّع من خير تضيفه هذه المنابع لإحكام الصورة الإسلامية الأصيلة، وتعميقها في النفوس، ومنحها أصالتها التي بها تقارع وتقاوم، ثم تبني وتتقدم. ولسنا هنا بصدد عرض تاريخي بقدر ما نحن بسبيل مواجهة فعلية مع المشكّكين اليوم. لقد واجه المنبع الرئيس الأول للتصوّرات والتشريعات الإسلامية (القرآن) سيل التشكيك في نسبه السماوي أولاً، وفي مضامينه ثانياً، وفي حجّية هذه المضامين ودورها وغير ذلك، ولكنّه كان أقوى من أيّ هجوم، وتقهقر التشكيك، وصدق وعد الله (إِنَّا نَحْنُ نَزَّلْنَا الذِّكْرَ وَإِنَّا لَهُ لَحَافِظُونَ)[19] ولم نعد نسمع التشكيك في كتاب الله إلاّ حسيساً لا قيمة له. ومن ثم استعرت الحملة ـ وإلى يومك هذا ـ ضد المنبع الرئيس الثاني، وهو السنّة النبوية المباركة، لكي تنال منها، ومن قدرتها على إعطاء الصورة الأصيلة، عبر الدسّ أولاً، والتشكيك بعد ذلك في مجموع الأحاديث التي تتحدّث عن السنّة، ووصفها بعدم الجدّية; لوجود الدسّ والتعارض وأمثال ذلك.