ز ـ الدفع نحو التأكيد على نقاط الالتقاء وهو منهج قرآني أصيل، لا بين المسلمين أنفسهم فحسب، بل وحتّى مع معتنقي أقرب الأديان إلى الإسلام، وهم أهل الكتاب. إنّها خطوة عملية في مواجهة الإلحاد. (قُلْ يَا أَهْلَ الْكِتَابِ تَعَالَوْا إِلَى كَلِمَة سَوَاء بَيْنَنَا وَبَيْنَكُمْ أَلاَّ نَعْبُدَ إِلاَّ اللهَ وَلاَنُشْرِكَ بِهِ شَيْئاً وَلاَيَتَّخِذَ بَعْضُنَا بَعْضاً أَرْبَاباً مِنْ دُونِ اللهِ فَإِن تَوَلَّوا فَقُولُوا اشْهَدُوا بِأَنَّا مُسْلِمُونَ)[16]. وعمل كهذا لابدّ أن يهيّئ أرضية صالحة للتفاهم والوصول إلى الحقيقة. إنّ هذا المنهج يجب أن يدفعنا نحن المسلمين للتأكيد على نقاط الالتقاء بيننا، وسنجد أنّها أكثر ممّا يتصوّر حتماً أنّها تشمل كلّ المجالات بلا ريب. والغريب أنّ البعض منّا مستعدّ لأن يتعايش مع شيوعي ملحد، ويناقشه بهدوء مثلاً، في حين أنّه غير مستعدّ أحياناً للنظر إلى مسلم يختلف معه في بعض النظرات الجزئية، أليس هذا من عمل أعداء الله؟! حـ ـ التربية على أُسلوب المحاورة البناءة إنّ القرآن يطرح أُسلوباً موضوعياً رائعاً للمحاورة مع أعدائه، فضلاً عن أن يطرحه بين أبنائه. فها هو يعلّم الرسول الأكرم 9 أن يقول للكافرين رغم إيمانه الشديد بما يعتقد (وَإِنَّا أَوْ إِيَّاكُمْ لَعَلَى هُدىً أَوْ فِي ضَلاَل مُبِين)[17]. إنّها الموضوعية الكاملة في النقاش، وإنّه الأُسلوب الأمثل للوصول إلى نتيجة صحيحة من خلاله. أمّا السبّ والشتم والطرد وأمثال ذلك فهي أمور لاتفيد في النتيجة، ولا تؤثّر فيها، وربّما أثّرت العكس كما هو واضح. فالنقاش الهادئ الموضوعي بين طرفين هما بمستوى النقاش يتوخّيان الحقيقة حتّى لو خالفت مسبقاتهما، ويعتمدان الحجّة والبرهان المنطقي الأصيل، كلّ هذا يضمن الوصول في كثير من الأحيان إلى قناعات مشتركة تشكّل أساساً للوحدة، ومجالاً للتعاون المشترك.