على أنّ ضرورات الوحدة الإسلامية باتت تتصدّر أولويات هموم المسلمين، وتفرض نفسها أساساً لإعادة بنائهم، الذي صدّعته الخلافات الفكرية والعقيدية، وما أفرزته من اجتهادات متباينة. إلاّ أنّ الوحدة باعتبارها مشروعاً لا يمكن أن تتحقّق مصداقيّتها على أرض الواقع ما لم تتوافر على آلية متقنة وأدوات فاعلة، إضافةً إلى إجراء مراجعة تفصيلية لبعض مقولات المذاهب الإسلامية، وإعادة النظر في بعض فواصل نظامهم المعرفي. ومن هذا المنطلق جاء هذا الأسلوب الجديد في الطرح إيماناً منّا بضرورة الوحدة الفكرية أساساً لوحدة المسلمين العملية. والوحدة الإسلامية بمفهومها الحقيقي، الذي يتجاوز كلّ الفوارق الطبقية والعنصرية واللونية والجغرافية وغيرها، هو حلم المسلمين اليوم في شتّى أقطار الأرض، وهو نداء القرآن العزيز الذي يهزّ كل الغيارى أينما كانوا ليسعوا إلى تحقيقه، وهو بالتالي الهاجس الذي يقضّ مضاجع الاستكبار العالمي، ويرعبه وهو حلم، فكيف به إذا تحقّق، واستيقظ هذا العملاق الغافي كما تصفه بعض كتابات المفكّرين الاستعماريين، الممتدّ من المحيط إلى المحيط، والذي له قدرة هائلة تمتلك كلّ عناصر القوة والانتصار. فأرضه أكثر من 35 مليون كيلومتر مربع، ونفوسه تتجاوز المليار إنسان مضحٍّ يؤمن بأنّ الموت في سبيل الله سعادة، وله من الخبرات العاملة ما يتجاوز الـ (250) مليون يد عاملة، وله من القدرات العسكرية الظاهرية ما يقارب الـ (10) ملايين إنسان مدرَّب، ولديه أكثر من مائة ميناء استراتيجي على مختلف البحار والمحيطات، ويسيطر على أكثر مصادر النفط والنحاس واليورانيوم، وغيرها. كل هذا في الجانب المادّي، ناهيك عن الجانب المعنوي الضخم الذي تمتلك هذه الأمة، متمثّلاً في رسالتها العظيمة التي تمتلك أعظم أُطروحة لحلّ مشكلات البشرية، والقضاء على التناقض بين المصالح الفردية والمصالح الاجتماعية، وهو أمرٌ عجزت عنه كلّ تلك الأنظمة الوضعية الخاوية، فإنّها زادته حدّةً وسعاراً. إنّنا نعتقد ـ بكلّ وضوح ـ أنّ سبيلنا الحقيقي هو سبيل الوحدة الإسلامية الكبرى، ولذا فلن نضعف عن الدعوة إليها، وكلّما زاد أوار الحملة ضدّنا فلن يزيدنا ذلك إلاّ إصراراً على