الدليل كباقي الآيات المذيَّلة بصفة من صفات الله أن يكون متناسباً ومنسجماً مع صدر الآية، ويضفي صبغة التعليل عليها، فعندما يتحدّث عن العفو والمغفرة يختم الآية بأنّ الله غفور رحيم، وعندما يتحدّث عن العلم يختمها بأنّه عليم خبير. ومع الأخذ بنظر الاعتبار هذه القضية نستنتج أنّ حكمة الله تقتضي أن لا يأتي القرآن الباطل أبداً، وهذا أمر معقول باعتبار أنّ محمداً (صلى الله عليه وآله) خاتم الأنبياء، والقرآن آخر رسالة إلهية، لا نتوقّع بعدها رسالةً أخرى، ولو فرضنا إمكانية التحريف لكان ذلك متنافياً بالكلّية مع حكمة الله، فإنّ القرآن نزل ليكون نبراساً للبشرية ما دامت حيّة، فإذا حرِّف خرج عن كونه وسيلة هداية. تفسير مرفوض إنّ من قال بالتحريف فسَّر هذه الآية بأنّها تعني عدم وجود تعارض وتناقض في القرآن، وإخباره عن الماضي وتنبّؤاته عن المستقبل كلّها صادقة وصحيحة، ولا مجال للكذب والباطل فيها، وعليه فلا تدلّ الآية على عدم التحريف. والشاهد على هذا المعنى الحديثان التاليان: 1 ـ عن الباقر (عليه السلام) قوله: «لايأتيه الباطل من قبل التوراة ولا من قبل الإنجيل والزبور، ولا من خلفه أي: لايأتيه من بعده كتاب يبطله»[131]. والحديث يعني: لا كتاب يأتي بعده ينقضه ويبطله، كما أنّ القرآن لم يبطل ما ورد في الكتب السماوية السابقة من أخبار الأنبياء والسابقين.