وجواب هذه الشبهة بأنّ القرآن تعرَّض لكثير من الشبهات الواهية من قبل الأعداء العقلاء والأصدقاء الجهلاء، وبذلك يسقط التفسير المزبور. أمّا إذا أُريد من الصرف عن الإشكال والإيراد أنّ القرآن ونصوصه ومعانيه ومفاهيمه بدرجة من الاستحكام لا يؤثّر فيها أيٌّ من الإشكالات التي قد يطلقها الأعداء أو الأصدقاء، فهذا المعنى ينسجم مع ما ورد في الآية الكريمة: (ذَلِكَ الْكِتَابُ لاَرَيْبَ فِيهِ...)[129]. ورغم صحّة هذا الكلام في حدِّ ذاته، لكنّه لا ينسجم مع ظاهر (إِنَّا لَهُ لَحَافِظُونَ)فإنّ القرآن يحفظ نفسه بنفسه، ويدافع عن نفسه بنفسه، لإتقانه وعمقه ودقّة مطالبه. لكنّ المعنى المنسجم مع الآية: أنّه محفوظ بعد النزول، وهو غير الحفظ والمناعة أمام الشبهات والإشكالات. * * * الشبهة الخامسة: الضمير في (له) يرجع إلى كلّ فرد ومصحف من القرآن، أي: أنّ كلاًّ من المصاحف المطبوعة على الورق أو غير الورق محفوظة. وهذه الشبهة باطلة أيضاً، ولا تنطبق مع الواقع، فإنّ الكثير من نسخ القرآن، قديماً وحديثاً، قد تلفت عمداً أو سهواً أو بمرور الزمان.