أنزل الله إليكم الذكر وأرسل رسولاً...[126]. كما احتمل البعض الآخر أنّ (رسولاً) مفعول لـ (ذكراً) لأنّ الأخير مصدر، والمصدر يعمل عمل الفعل، فيأخذ فاعلاً ومفعولاً، و«الرسول» هنا مفعول للذكر. ثانياً: على فرض كون الذكر في الآية الرسول، لكنّ مورداً واحداً لا يكفي للحكم بأنّ المراد بالذكر الرسول أينما جاء في القرآن. فهناك آيات من القرآن ثبت يقيناً بأنّ المراد من الذكر فيها هو القرآن ذاته، من قبيل الآية التالية: (وَقَالُواْ يَا أَيُّهَا الَّذِي نُزِّلَ عَلَيْهِ الذِّكْرُ إِنَّكَ لََمجْنُونٌ لَّوْ مَا تَأْتِينَا بِالْمَلائِكَةِ إِن كُنتَ مِنَ الصَّادِقِينَ * مَا نُنَزِّلُ الْمَلائِكَةَ إِلاَّ بِالحَقِّ وَمَا كَانُواْ إِذاً مُّنظَرِينَ إِنَّا نَحْنُ نَزَّلْنَا الذِّكْرَ وَإِنَّا لَهُ لَحَافِظُونَ)[127]. فمن الواضح أنّ المقصود بالذكر الأول القرآن، والذكر الثاني هو نفس الذكر الأول. وهكذا الحال في الآية التالية: (إِنَّ الَّذِينَ كَفَرُوا بِالذِّكْرِ لَمَّا جَاءهُمْ وَإِنَّهُ لَكِتَابٌ عَزِيزٌ)[128]. وهذه الآية صريحة في كون المراد من الذكر هو القرآن; إذ وصفه بكتاب عزيز، فالظاهر الواضح أنّ المراد منه القرآن. * * *