ولذلك أنكر متأخّرو علماء أهل السنّة الروايات التي تثبت النسخ بالكلّية، منهم: مصطفى زيد والرافعي وغيرهما، إذ أقرّوا بعدم إمكانية نسخ كلام الله بأخبار الآحاد، وهذه كلمات بعضهم: 1 ـ يقول الأُستاذ حسن العريض: «وذهبت طائفة من العلماء إلى إنكار هذا النوع من النسخ، وعدم وقوعه في كتاب الله عزّ وجلّ; لأنّه عيب لايليق بالشارع الحكيم، لأنّه من التصرّفات التي لاتعقل لها فائدة، ولا حاجة إليها، وتنافي حكمة الحكيم. والحقّ أنْ يقال: إنّ هذا النوع من النسخ وإن كان جائزاً عقلاً، ولكنّه لم يقع في كتاب الله عزّ وجلّ; لأنّ هذه الروايات التي وردت في الأحاديث السابقة روايات آحاد، والقرآن الكريم لايثبت بروايات الآحاد مهما كانت مكانة قائلها، ولابدّ فيه من التواتر كما أجمع عليه العلماء قديماً وحديثاً، ولو أنّه صحّ ما قالوه لاشتهر بين الصحابة جميعاً، ولحفظه كثير منهم أو كتبوه في مصاحفهم، ولكن لم يرد شيء عن غير هؤلاء الرواة، فلايمكن القطع بأنّ هذه الآيات التي ذكروها كانت مسطورةً في عهد النبي (صلى الله عليه وآله)، وفي صحف كتّاب الوحي، ثم نُسخت بعد ذلك ورفعت من المصحف ـ كما رواه بعض الصحابة ـ وبقي حكمها للعمل به. وأيضاً فإنّ الحكم لم يثبت إلاّ من طريق النصّ، فزوال النصّ مقتض لزوال الحكم، ولم يظهروا لزواله وحده حكمة من عمل الحكيم; لأنّ