إذا ادُّعي النسخ في عهد الرسول (صلى الله عليه وآله) فلا دليل عليه، ولا يمكن إثبات النسخ بخبر الواحد، باتّفاق جميع علماء المسلمين، وقد صرّح بذلك بعض العلماء في كتبهم الأُصولية وغير الأُصولية. بل إنّ الإمام الشافعي وأكثر أصحابه، وأكثر أهل الظاهر، قطعوا بعدم إمكانية النسخ حتّى بالسنّة المتواترة[108]. كما وأنّ الإمام أحمد يعتقد ـ وفقاً لإحدى الروايتين المنقولتين عنه ـ بعدم إمكانية النسخ بالسنّة المتواترة، وأولئك الذين يجوّزونه لا يدّعون وقوعه في الخارج. وعليه، فكيف يمكن تصحيح الروايات التي تحكي وقوع نسخ التلاوة في عهد الرسول (صلى الله عليه وآله)، وينسبونه إلى الرسول (صلى الله عليه وآله) نفسه؟ ومن جانب آخر فإنّ نسبة نسخ التلاوة إلى الرسول (صلى الله عليه وآله) يتنافى مع كثير من الروايات التي يفهم منها وقوع النسخ بعد وفاته، من قبيل الروايات التالية: الأُولى: ورد في آية الرجم عن الخليفة الثاني قوله: «ولولا أن يقال: زاد عمر في المصحف، لكتبتها» والظاهر من هذه الرواية أنّ الآية المزبورة كانت تتلى في عهد الرسول ولم تنسخ آنذاك، بل كان الخليفة يراها جزءاً من القرآن، وما منعه من إقحامها هو التهمة المحتمل إلصاقها به، وقد نقل السيوطي: أنّ عمر جاء بها إلى أبي بكر