المسلمين تلاوته وحفظه في مسجد الرسول (صلى الله عليه وآله). وعليه يضعف احتمال فقدان بعض آياته أو سوره، والمسلمون إذا كانوا آنذاك مستعدين للتضحية لأجله ولأجل الإسلام، كيف وقد استشهد بعضهم في هذا الطريق؟ كيف يمكنهم أن يفقدوا بعض فقراته، مع أنّه معجزة الرسول الكبرى؟ لنفرض تساهل المسلمين في حفظ هذا الكتاب رغم ما أبدوه وما تحمّلوه في سبيل الإسلام، وفي معارك مثل بدر وأُحد والأحزاب والخندق، لكن من غير المعقول أن يتمّ الجمع في عهد الخلفاء ولم يفكّروا قبل ذلك بجمعه، ممّا استدعى الإتيان بشاهدين عدلين لإثبات كون الفقرة الفلانية من القرآن أم لا. وإذا تغافلنا عن قضية همّة المسلمين واهتمامهم بحفظ القرآن، فإنّ الرسول (صلى الله عليه وآله)كان يهتم اهتماماً خاصّاً في حفظه وتعليمه; لأنّه كان خبيراً بمصير التوراة والإنجيل. هذا مع أنّ تعبير «كتاب» و«سورة» في الآيات الآتية يدلّ بظاهره على أنّ القرآن كان مجموعاً ذلك العهد: (ذَلِكَ الْكِتَابُ لاَرَيْبَ...)[143]. (تَنزِيلُ الْكِتَابِ لاَرَيْبَ فِيهِ مِن رَّبِّ الْعَالَمِينَ)[144]. (كَانَ ذَلِكَ فِي الْكِتَابِ مَسْطُوراً)[145].