فإذا ضممنا إلى هذه الحقيقة حقيقة أخرى وهي ان الإسلام دين الحياة ولا يمكن فصله عن جوانبها الثقافية والاجتماعية والسياسية، وهي حقيقة يحاول الكتاب الغربيون بل وحتى السياسيون إلى اليوم إنكارها، وهذا ما وجدناه في حديث كولن بأول وزير الخارجية الأمريكية بتاريخ 14 نوفمبر 2003م وهو ما يركز عليه العلمانيون في عالمنا الإسلامي بل يعملون على منحه إبعاداً فلسفية، ونحن نجد الكاتبة تعمل جاهدة في هذا الكتاب على ان تجعله الحل السحري للصراع، فكل الجهود يجب ان تصرف لعلمنة المجتمع الإسلامي، والنظام السياسي غير واضح في الكتاب والسنّة، والمجتمع الإسلامي يقبل العلمنة فلا حتمية للصراع، ولا توجد نظرية متكاملة للعلاقات الدولية في الإسلام، ومبدأ الجهاد يتنافى مع مبدأ نفي الإكراه في الدين، والاتجاه العالمي للإسلام يجب أن يتخلى عنه المسلمون، وحركة الإحياء الإسلامي التي ترفض العلمنة يجب ان يرفضها المسلمون لأنها هي سبب الصراع بين الحضارات، وإن على العالم الإسلامي أن يروض قيمه وفق مصالحه، وان مسألة انفصال الدين عن السياسة هي حقيقة واجهتها الثورة الإسلامية في إيران ولم تستطع التغلب عليها، وان الأفكار الإصلاحية النسبية للدكتور سروش تعني ان الإسلام يقبل الإصلاح (وبطبيعة الحال العلمنة)، وأن التوليفة بين الإسلام والغرب تتم من خلال علمنة اكبر المجتمعات الإسلامية، وتعتبرها هي المرحلة المستقبلية. إننا إذا ضممنا الحقيقتين الماضيتين: (حقيقة إن النفَس الإسلامي هو الطابع العام للعالم الإسلامي) و(حقيقة إن الإسلام لا يمكن فصله عن الحياة)، عرفنا بوضوح بطلان كل المساعي لعلمنة العالم الإسلامي. وليت الكاتبة عمّقت قولها السابق بأن النظام الديني مهما كان لا يجتمع مع العلمنة، وأدركت بالتالي