ما قلناه، اللهم إلا ان نسلب الإسلام صفة النظام ونبقيه مجرد تعاليم أخلاقية سطحية، وهذا ما لا يمكن تحقيقه. إن للإسلام رأيه في كل السلوك الإنساني، وإن كل من عرف الإسلام أدرك انه ما من واقعة إلا ولله فيها حكم أو فيها كتاب وسنّة - كما يقول الإمام الصادق(ع)([138]) ؛ - ولا يمكن أن يكون الإنسان مسلماً حتى يلتزم بأحكام الإسلام (فلا وربّك لا يؤمنون حتّى يحكّموك فيما شجر بينهم ثم لا يجدوا في أنفسهم حرجاً مما قضيت ويسلّموا تسليماً)([139]). النقطة الرابعة إن الصحوة الإسلامية في الأساس جاءت لترد على العناصر الثلاثة الماضية (التخلف، والتمزق، والعلمانية)، ولتحقق العودة إلى الإسلام بكل مقتضياته؛ فالإسلام دين التقدم، يدعو إلى العلم بشتى أنواعه، ويطلب من الأُمة الإسلامية أن تحقق كل عناصر القوة، وأن تبذل أقصى جهدها لتكون خير الأمم، ولتكون في الطليعة الحضارية للناس، والتخلف حالة غير طبيعية مطلقاً. والإسلام دين الوحدة الإسلامية، والتخطيط الإسلامي للوحدة واضح تماماً، فالقانون واحد، والقائد واحد، والعواطف واحدة، والشعارات والعبادات واحدة، وثروات الأُمة هي ملك كل الأُمة، وقد جعلت لها قواماً وقياماً، وحقوق المسلمين جميعاً متكافئة، لا بل قد يشترك كل المسلمين في بعض أنواع الملكية، والتكافل والتوازن في مستوى المعيشة شاملان لكل المسلمين، والمسلمون جميعاً مسؤولون عن مجموع الأُمة وحدودها مسؤولية مشتركة.