تكن قد احتلت بعد.([137]) وأما التمزق فإن للغرب دوره الأكبر في إيجاده إلى أقصى حد إما مباشرة أو من خلال المتأثرين بفكره. ويلاحظ من كلمات الكاتبة مدى التوجّس من التوحّد حتى إنها تقرر في نهاية كتابها أن الوحدة الإسلامية والكيان الإسلامي الموحّد أمر بعيد المنال في المستقبل، بل إن مجرد ظهور شعور بالإسلام الشمولي وظهور الدعوات الأولية للمنظمات الشمولية في العالم الإسلامي في النصف الثاني من القرن الماضي قلب الموازين الغربية فراحوا يحسبون له ألف حساب، ومن حساباتهم تفريغ هذه المنظمات من محتواها وإبقاؤها على مستوى الإشباع الشكلي والعاطفي لجوعة عارمة ورغبة جماهيرية لا تقاوم للوحدة الإسلامية. ويتخذ التمزق هذا إشكاله المتنوعة، فهناك تمزق على أساس القومية، وآخر جغرافي وثالث لغوي، ورابع في الولاء، والخامس في المستوى المعيشي، وهلم جرّا. والكاتبة تعتبر إن عملية تمزق النسيج الاجتماعي للعالم الإسلامي شكّلت أحد عوامل الصحوة الإسلامية والدعوة إلى العودة للإسلام دون أن تتحدث عن الدور الذي لعبه الغرب في القضاء على الدولة العثمانية ونشر الفكر القومي الضيق، وإيجاد الخلافات بين الكيانات المصطنعة وأمثال ذلك. واما العلمنة فهي الداء الوبيل الذي ضرب عالمنا الإسلامي واستطاع إلى المدى الأكبر أن يسيطر على مجمل إرجائه . وقد شجع الغرب العلمنة بشتى الأساليب حتى أن الكاتبة اعترفت بأنها فرضت فرضاً خلال الأعوام 1920 – 1970 وأنها لم تحقق المقصود، وذلك طبيعي لان العالم الإسلامي مهما ابتعد عن الإسلام وإحكامه فإنه يبقى إسلامي النفس والنبرة والأحاسيس.