وعلى أي حال؛ فقد سعى الغرب بشتى الوسائل لقهر وجود الأُمة عبر هجومه العسكري والثقافي والتسللي من خلال عملائه أو المنبهرين بحضارته لضرب القوة الإسلامية بعد قضائه على الدولة العثمانية، ولما لم يجده الاستعمار المباشر لكل المنطقة الإسلامية تقريبا راح يجرب فكرة إعطاء الاستقلال الشكلي مع العمل على مسك أزمّة الأُمور بيده، وهنا شهدنا مولد الدول أو المجموعات المحدودة والتي تعتمد فكرة الأساس القومي أو الجغرافي ممزّقاً بها جسد الأُمة الإسلامية الواحدة، ومحققاً هدف الاستعمار. ولكن هذه الحالة سرعان ما أثبتت أنها لأتحقق للغرب هدفه، ولم تلبث إلا قليلا بعد انتهاء الحرب العالمية الثانية حتى رحنا نشهد تنامي الحس الشمولي الإسلامي وقيام المؤسسات الإسلامية الشمولية، وخصوصاً عند المنعطفات الحساسة من قبيل إحراق المسجد الأقصى الذي أدى إلى اشتعال الغضب الإسلامي، ونجاح الثورة الإسلامية في إيران في القضاء على النظام الرجعي العميل للغرب، وانتصار المجاهدين الأفغان على القوة الروسية العظمى، وأخيرا انهيار القوة الإلحادية الكبرى وانعتاق الشعوب الإسلامية المحتلة، مما أوجد فكرة إسلامية شمولية ضخمة اضطر الغرب معها إلى تغيير استراتيجياته. وقد فوجئ الغرب بهذه الظاهرة العارمة - ظاهرة الصحوة الإسلامية- ، وراح يحللها بوسائله وتصوراته ليكتشف نقاط القوة والضعف فيها ومن ثم يعمل على مواجهتها (إذن من المهم أن تحدد الأسباب الأساسية للظاهرة الإسلامية وأبعادها المعادية للغرب وأن تقوم في شكل صحيح وأن يتم تبني السياسات الملائمة للتعامل معها)([135]) وسوف نركز على نموذج من الرؤى الغربية فيما يلي: