المسلمين يفكرون ويتصرفون وفق طرائق معينة لأنهم مسلمون.. وإن الطريقة الوحيدة التي يسع الغرب التعامل بها مع الظاهرة الإسلامية هي المقاومة والقمع والاحتواء وينصحون بمساعدة الغرب لتلك الحكومات المسلمة التي تقاوم إسلامييها حتى يزالوا أو يخضعوا كلياً..).([133]) وبدأ التراجع الفكري الإسلامي بإبداء محمد عبده روحاً مهادنة تجاه كرومر([134]) وقد تلقف هذه المهادنة الفرع العلماني من مدرسته كلطفي السيد وسعد زغلول وطه حسين واسماعيل مظهر وبالتالي وصل إلى ما يقرب مــن نظرة كــرومر. ولا نعدم في أنحاء العالم الإسلامي عناصر من قبيلهم عاصرتهم وطرحت أفكارهم، وقد ساعدتها في ما بعد المدرستان القومية والماركسية اللتان نشطتا في المنطقة الإسلامية في أواسط القرن العشرين. وإلى جانب هذه النظرة العدائية المعادية من قبل الغربيين للصحوة الإسلامية كانت هناك نظرة استشراقية اخرى تطلق عليها هانتر اسم (العالم ثالثيين الجدد) وتؤمن بأن الحاكم في العالم الإسلامي هو (القيم والمصالح معا) وبالتالي فمن الممكن تصور تصالح بين العالمين الإسلامي والغربي وهي تؤيد هذه النظرة. والحقيقة أن القيم الإسلامية إنّما ترفض الجانب المعادي للإنسانية في الغرب كالتحلل الجنسي، واستغلال الشعوب، ورفض الحياة الخلقية، والكيل بمكيالين، والعمل على محو الثقافات الأخرى، والاستعمار بشتى ألوانه، وأمثال ذلك؛ وفيما عدا ذلك فإن هناك نقاط التقاء كثيرة ونقاط تقبل الحوار. ثم ان المصالح لا تشكل مساحة ترفضها القيم، فالقيم في الواقع إنّما تعمل على تحقيق المصالح الإنسانية السامية.