المسلمين ثورة لا تقاوم. واستمر التفوق الإسلامي تاركاً أثره في الغرب. وإن كان الأوروبيون قد سعوا لإنكار ذلك والتأكيد على ان اجتياح الشعوب الجرمانية حدود الرومان هي نقطة التحول في التاريخ الأوروبي وليس الإسلام. يقول الاستاذ انور الجندي: (ظلت الدولة الرومانية قائمة وظلت حضارتها باقية بعد أن اجتاز الجرمان حدودها واستقروا في نواحيها. وكان ما حدث أن انتقل مركزها من روما إلى بيزنطية وأصاب حالتها المادية والعقلية شيء من الركود والفساد. ولكن لم تهبّ ثورة الإسلام وتسير كتائبه إلى أراضي الرومان حتى تلاشى كل ما كان لها من معالم وآثار وكأنها كانت رماداً ذرته الرياح. وقامت دولة جديدة، وظهرت حضارة جديدة حاصرت اوروبا من الشرق والجنوب… فلولا ظهور الإسلام لظلت الامبراطورية الرومانية قائمة… ولما قامت الثورات القومية التي خلقت دول اوروبا الحديثة).([128]) ورغم أن بعض المؤرخين الاوروبيين يمجدون معركة بواتيه التي قادها شارل مارتل وأوقف زحف المسلمين عام 732م (114هـ ) ويعتبرونها نصراً لاوروبا إلا أنّ الآخرين منهم يعتبرونها من أشأم الفواجع في القرون الوسطى ـ كما يقول كلود فاير ـ حيث تقهقرت اوروبا ثمانية قرون. ([129]) وبعد عشر سنوات من سقوط طليطلة (1058م) شنت الحروب الصليبية لمدة قرنين (1099م – 1295م) فدمرت الأخضر واليابس، ولكن اوروبا اكتسبت الكثير من هذا التلاحم مما شكل سر بدء نهضتها في القــرن الخــامس عشــر (أي بعد 3 قرون).