القتام؟ وقبل ان نطرح بعض هذه الأنماط المرضية نــركز على حقيقتيــن موضوعيتين هما: أولاً: وجود بعض المفكرين الواعين الذين منحهم الله تعالى القدرة على التحليق الفكري المجرد، والاخلاص له ـ جل شأنه ـ الأمر الذي جنَّبهم الوقوع في المزالق، وجعلهم في مهبط الهداية الإلهية. ثانياً: توقع التغيير الشامل للحركة الفكرية الإسلامية، وانسجامها بالتالي مع التغيير الشامل الذي يسري كالعافية الإلهية إلى أوصال عالمنا الإسلامي الكبير.. فنحن إذن إلى التفاؤل أقرب منا إلى التشاؤم.. بل اننا لنجدنا نحمل أملاً قريباً في طلوع فجر إسلامي فكري مشرق، يغمر الأرض نوراً بحوله تعالى وقوته. أما وقد ركزنا على هاتين الحقيقتين، نود أن نستعرض ـ بما يتناسب وحجم هذا المقال ـ بعض نقاط الضعف، والحالات المرضية التي قد يُبتلى بها الفكر، أو فلنقل يبتلى بها المفكرون. وأولها ـ بكل صراحة ـ التبعية المكمِّمة للأفراد، والتي غالباً ما تظهر على شكل تبعية للحكام الطغاة.. وهذه التبعية المقيتة قد تفرضها ظروف الطغيان المسيطر، كما قد يُلجئ المفكر إليها ضعفه النفسي وحاجته الاقتصادية أو النفسية إلى مثل هذه التبعية. ويمكننا أن نفترض لهذه التبعية من آثار السوء الشيء الكثير. فقد تبدأ بعنصر المجاملة، وعدم التعرض لما يُغضب السلاطين، وتنتهي إلى عملية التزييف المتعمّد بعد أن تمتلئ البطون من الحرام، وتنتفخ الأوداج من دماء المستضعفين المقهورين. وبين تلك البداية وهذه النهاية يمكن تصنيف الكثير الكثير مما يكتب أو يلقى في عالمنا الإسلامي وباسم الإسلام، والتربية، والتوعية!! فهل يفكر بهذا الأمر أولئك الذين باعوا أثمن جوهرة في الحياة وهي (الحياة