(جـ) النقد الذاتي لحركة المفكّرين الإسلاميين اليوم تختلف النفوس مــن حيـث الموضوعية وسعة الأُُفق إلى حد كبير، فبين من لا يأبه لأيّ نقد شخصي مهما كان حادّاً عنيفاً، وبين من تجرحه كلمة ناقدة مهما كانت موضوعية بنّاءة. إلا أن نقد الحركة والاتجاه الفكري أمر طبيعي، وكثيراً ما يدعو الأفراد للتأمّل وإعادة النظر دون أن يصحب ذلك تأجُّج حماسي بليد، أو عاطفة جريحة ضارية تسدّ السبل على التفكير الهادئ.. وتلك هي سَورة الغضب الطافح عن حده. وما نحاولـه هنا هو تحريك حسّ النقد الذاتي لمسيرة الفكر الإسلامي السائد اليوم في عالمنا الإسلامي المعاصر، والذي يطالعنا بشكل كتاب، أو مقال، أو محاضرة تطرح منفردة أو تنضم إلى مجموعة نطلق عليها عنوان ندوة أو مؤتمر فكري. على أن منهاجنا في هذا البحث لا يتوجه بالإشارة الصريحة إلى الرموز الفكرية التي تطالعنا أسماؤها في هذه الصحيفة الإسلامية أو تلك، وإنّما يطرح بعض الأمراض والنقائص التي لا يشك أحد في ماهيتها المرضية، ثم يترك للقارئ الكريم أن يطبّق بنفسه فيكشف المصاديق، إن وُجدت، أو بالأحرى يترك للمفكر نفسه أن يتجرد من دوافعه الذاتية ـ والمفروض أنه يعمل مخلصاً في سبيل اعلاء كلمة الله ـ فينظر هل تمسّه لفحة من هذا اللهيب، أو تدنس ثوبه لوثة من هذا