وقد روي عن الإمام علي بن أبي طالب انه كتب إلى مالك الاشتر عامله على مصر يقول: (فامنع من الاحتكار فان رسول الله منع منه. وليكن البيع بيعا سمحا بموازين عدل وأسعار لا تجحف بالفريقين من البائع والمبتاع»([219]). ويقول الشهيد الثاني: «ولا يجوز التسعير في الرخص مع عدم الحاجة قطعا والأقوى انه مع الإجحاف حيث يؤمر به لا يسعر عليه أيضاً بل يؤمر بالنزول عن المجحف وأن كان بمعنى التسعير إلاّ انه لا ينحصر في قدر خاص»([220]). والظاهر ان النصوص تؤكد على حرية التسعيرة مالم يتطلب الموقف ذلك وحتى لو أمكن تلافي الحاجة بالأمر بتقليل السعر دون تحديد لتعين ذلك فهي حالة استثنائية لا يصار إليها إلاّ عند الضرورة أو اقتضاء المصلحة العامة الملزمة لذلك. وإننا إذا تأملنا الخلاف بين العلماء ونصوصهم واستدلالاتهم وجدنا ان هذا يشير إلى الحالة الطبيعية فيحرم وذاك يشير للحالة الثانوية فيجيز، فهم في الواقع متفقون ـ كما يظهر ـ. الخــلاصة: من الملاحظة الأدلة والنصوص والفتاوى يتلخص ما يلي: 1ـ ان الأسعار متروكة للمالكين يسيرون بها حسب العرض والطلب وفي الجو الطبيعي لهما دونما صيروة إلى ندرة كاذبة واحتكار مذموح. 2ـ في الحالات التي تتطلب الضرورة أو المصلحة الاجتماعية تدخل ولي الأمر فان له بمقتضى ولايته التدخل. --------------------------------------------------------------------------------