فالخطر ما لم يتيقن بوجوده كما لو قال: «بعني فرسك بما اربح غداً». والغرر ما يتيقن وجوده ويشك في تمامه، كبيع الثمار قبل بدوّ صلاحها». ثم ذكرت الموسوعة ان الغرر نوعان: «احدهما ما يرجع إلى أصل المعقود عليه أو ملكية البائع له أو قدرته على تسليمه، فهذا يوجب بطلان البيع. والآخر ما يرجع إلى وصف في المعقود عليه أو ملكية البائع له أو قدرته على تسليمه، فهذا يوجب بطلان البيع. والآخر ما يرجع إلى وصف في المعقود عليه أو مقداره، أو يورث فيه وفي الثمن وفي الأجل جهالة فهذا محل خلاف»([169]). وقد ذكر الأستاذ مصطفى الزرقاء، وهو من أكابر الفقهاء المعاصرين لديهم، أنه: «بالنظر لما نهى عنه النبي (صلى الله عليه وآله وسلم) من البيوع تطبيقاً لما نهى عنه من الغرر كالنهي عن بيع المضامين (أولاد فحول الإبل) والملاقيح (أولاد إناث الإبل) وضربة القانص (أي ما تخرجه شبكة الصياد) وضربة الغائص (ما يخرجه الغواص من لؤلؤ) وبيع الثمار على الأشجار قبل بدوّ صلاحها، وكذلك ما قرّره الفقهاء من اشتراط القدرة على التسليم رغم عدم وجود الجهالة عند العقد، وهي كلها تطبيق للنهي عن الغرر وتدل على نوع المقصود، وبملاحظة ان عنصر المغامرة والمخاطرة قلما تخلو منه أعمال الإنسان وتصرفاته باتفاق المذاهب. بالنظر لكل ذلك قرر أن الغرر المنهي عنه هو نوع فاحش متجاوز للحدود الطبيعية، بحيث يجعل العقد كالقمار المحض اعتماداً على الحظ المجرد في خسارة واحد وربح آخر دون مقابل. اما بالنسبة للجهالة فقد ركز على رأي الحنفية، إذ إنهم لا يحكمون ببطلان العقد أو فساده متى داخلته الجهالة مطلقاً دون تمييز، كما يفعل سواهم، بل يميزون بين جهالة تؤدي إلى مشكلة تمنع تنفيذ العقد، وجهالة لا تأثير لها في التنفيذ، فالأولى كما لو قال أحد: (بعتك شيئاً) وكذا لو باع شاة غير معينة من قطيع، لأنه متفاوت آحاده، فهذا كله وأمثاله لا يصح، لأن هذه الجهالة تتساوى معها حجّة الفريقين. والثانية كما لو صالح شخص على جميع وتسقط الحقوق، ذلك لأن الجهالة فيها غير مانعة، لأن الحقوق في سقوطها لا تحتاج إلى تنفيذ وعليها بنوا صحة الوكالة