هذا... والذي يبدو ان الفقه الوضعي نفسه مر بتطور في مسألة الودائع هذه. فقد نُقل عن الأستاذ (ريبر) الفقيه الفرنسي انه رغم تغليبه فكرة تفسير الوديعة بأنها أمانة محفوظة لكنه يرى ان هذا مجرد تصور نظري لأنه يتعارض مع إمكان تصرف البنك بالنقود ولذلك اتجه إلى فكرة القول بان الوديعة المصرفية هي وديعة ناقصة أو شاذة، بينما اقترح البعض إعطاء عقد الوديعة صفة جديدة، وهو ما يؤيده الأستاذ علي البارودي في كتاب «القانون التجاري اللبناني» ص288 حيث يرى ان المودع إنّما يقدم على الإيداع لحفظ أمواله ولكنه لا يحرم البنك من استعمال تلك الأموال. وهنا نجد الأستاذ سامي حمود يرد عليه بان اللجوء إلى هذا الحل إنّما يكون بعد عدم إمكان تفسيره بحل آخر وهو الاقراض وهذا التفسير ـ كما يقول الأستاذ علي جمال الدين ـ يستهوي غالبية الفقه الفرنسي مراعاة منه للوضع الغالب من العمل وهو ما اخذ به القانون المصري حيث نصت المادة 726 منه على ما يلي: «إذا كانت الوديعة مبلغاً من النقود أو أي شيء آخر مما يهلك بالاستعمال وكان المودع عنده مأذوناً له في استعماله اعتبر العقد قرضاً»([137]). ضمان الحسابات الجارية: تلخص مما ذكرنا ان البنوك الربوية في الحقيقة تستلم الودائع الجارية والثابتة كقروض حقيقة وتدفع عليها فوائد ربوية. اما بالنسبة للبنوك اللاربوية فهي تتسلم الودائع الجارية كقروض أو الودائع الثابتة (لأمد) فهي لا تتسلمها كقروض وإنّما يمكن ان تتسلمها كودائع مع توكيل للبنك بإمكان إدخالها في عقود مشروعة كالمضاربة والمشاركة وغيرها فيكون البنك هنا أميناً وسيطاً له إحكامه الخاصة به. وعليه: فمن الطبيعي ان يضمن البنك وهو يعبر عن الأسهم المشتركة فيه أموال الحسابات الجارية لأنها قروض عليه ولا معنى لتصور ضمان الحسابات الجارية من قبل المودعين لا