حركتها وثباتها. اما بالنسبة لاستيفاء هذا القرض أو السحب عليه وتكييفه فيرى ان الحساب الجاري لدى البنوك قائمة تعبر عن ديون متقابلة فالودائع تمثل رصيد العميل الدائن ويمثل ما يسحبه العميل الرصيد المدين ويعتبر الحساب الجاري ـ من وجهة النظر الغربية معبراً عن عقد قائم بذاته تفقد الحقوق النقدية معه خصائصها الفردية وتستحيل إلى عناصر حسابية ينتج عنها في النهاية رصيد دائن مستحق الأداء. وذلك لأن الفقه الغربي مازال يرى ان المقاصة بين الحسابين الدائن والمدين تحتاج إلى قرار متفق عليه في حين ان الفقه الإسلامي يرى قهرية المقاصة (على رأي الإمامية والحنفية) بل لا يمكن التنازل عنها لأنها ليست حقاً قابلا للإسقاط، ويمكن ان تفسر عملية السحب بأنها استيفاء للدين وهو الذي يرجحه فان تم على المكشوف فذلك يعني إنشاء دين جديد للبنك على العميل([132]). ويبدو أن هذا الاتجاه ـ أي اتجاه جعل الوديعة في مثل هذه الظروف قرضاً ـ هو الاتجاه السائد لدى الفقهاء في شتى المذاهب. فقد جاء في كتاب كشف القناع المؤلف على المذهب الحنبلي أن الوديعة مع الإذن بالاستعمال عارية مضمونة.([133]) كما جاء في المغنى لابن قدامة لو استعار الرجل الدراهم والدنانير لينفقها فهذا قرض([134]). ومن الفقه الحنفي نجد السمرقندي يقول: «كل مالا يمكن الانتفاع به إلاّ باستهلاكه فهو قرض حقيقة ولكن يسمى عارية مجازاً»([135]). وكذلك نجد شمس الأئمة السرخسي يقول: «ان عارية الدراهم والدنانير والفلوس قرض لان الإعارة اذن في الانتفاع، ولا يتأتى الانتفاع بالنقود إلاّ باستهلاكها عيناً فيصير مأذوناً في ذلك»([136]).