«وذلك لان وضع النقود في البنك على ما هو المتداول في الخارج، مقارن مع الرضا بالتصرف فيه بإنحاء التصرفات حتى التصرفات الناقلة، وهذه التصرفات الناقلة التي تصدر عن البنك لا تكون بعنوان المبادلة على أموال صاحب هذه النقود، ولو كان كذلك كان لازمه ان ربح التجارات يعود إلى صاحب هذه النقود، لان العوض يدخل في ملك من خرج منه المعوض مع ان صاحب البنك يأخذ الإرباح لنفسه فلا يكون ذلك صحيحاً شرعياً إلاّ مع التمليك بالضمان، لكن إذا تصرف البنك فيه بالتصرفات الناقلة يخرج عن كونه أمانة ووديعة، ويصير قرضاً واقعاً، فتسمية ذلك بالوديعة اما لأنه يكون في بداية الأمر كذلك، وأما لان التسليم إلى البنك ليس لمصلحة المستقرض وهو البنك فقط بل يكون لمصلحة المقرض المودع ـ أيضاً ـ لان البنك يحافظ بهذا الإيداع على المال من السرقة والتلف، ولأجل هذه الجهة يسمى إيداعاً وان يكون قرضاً غالباً أو دائماً واقعاً»([131]). اما السيد الشهيد الصدر(قدس سره) فيقول: «فليست المبالغ التي توضع في البنوك الربوية ودائع لا تامة ـ كما يقال في الحساب الجاري ـ ولا ناقصة ـ كما يقال في الودائع الثابتة ـ وإنّما هي قروض مستحقة الوفاء دائماً أو لأجل محدد، لان ملكية العميل تزول نهائياً عن المبلغ الذي وضعه لدى البنك، ويصبح للبنك السلطة الكاملة على التصرف فيه... وهذا ما لا يتفق مع طبيعة الوديعة وإنّما اطلق اسم الودائع على تلك المبالغ التي تتقاضاها البنوك لأنها تاريخياً بدأت بشكل ودائع وتطورت خلال تجارب البنوك واتساع أعمالها إلى قروض فظلت تحتفظ من الناحية اللفظية باسم الودائع، وان فقدت المضمون الفقهي لهذا المصطلح. وموقف البنك اللاربوي من الودائع التي تتقاضاها البنوك الربوية يقوم على أساس التمييز بين الودائع المتحركة، والودائع الثابتة ـ كما سبق ـ فالودائع المتحركة يقبلها بوصفها قروضاً دون ان يدفع فيها فائدة والودائع الثابتة يقبلها كودائع بالمعنى الفقهي للكلمة ولكنها ليست مجرد ودائع مسلمة إلى البنك لاستنابته في حفظها فحسب بل هناك إلى جانب الإيداع توكيل من المودع للبنك في التصرف بالمال بإجراء عقد المضاربة عليه. وهكذا يختلف لدى البنك اللاربوي المحتوى الفقهي لقبوله الودائع من عملائه باختلاف