النظرية الإسلامية والقواعد المذهبية في الاقتصاد، ولتوضيح ذلك يذكر ما يلي: أ ـ ان المتفق عليه من الاحكام بين المسلمين بحيث لا يزال يحتفظ بموضوعه وصفته القطعية قد لا يتجاوز الـ 5% من مجموع الاحكام. ب ـ ان الاجتهاد عملية معقدة تواجه الشكوك من كل جانب ومهما كانت نتيجته راجحة في نظر المجتهد فهو لا يجزم بصحتها في الواقع. ورغم ذلك فان الإسلام قد سمح بها وحدد للمجتهد المدى الذي يجوز له ان يعتمد فيه على الظن ضمن قواعد تذكر في علم أُصول الفقه. جـ ـ اذن فمن المعقول ان توجد لدى كل مجتهد مجموعة من الأخطاء والمخالفات لواقع التشريع الإسلامي وان كان معذوراً فيها. د ـ ومن المعقول أيضاً ان يكون واقع التشريع الإسلامي موزعاً هنا وهناك بنسب متفاوتة في آراء المجتهدين (ويختلف واقع الشريعة عن الصورة الاجتهادية التي يرسمها المجتهد). هـ ـ فليس اذن من الضروري ان يعكس لنا اجتهاد كل واحد من المجتهدين ـ بما يضم من احكام ـ مذهباً اقتصادياً كاملا وأسساً موحدة منسجمةً مع بناء تلك الاحكام وطبيعتها. و ـ وهنا قد يختلف موقف الممارس لاكتشاف المذهب الاقتصادي عنه حين يحاول اكتشاف الحكم الشرعي التفصيلي ـ فموقفه كمجتهد يكتشف الحكم الشرعي قد يؤدي به إلى نتيجة لا تنسجم مع غيرها من الاحكام من حيث كشفها المنظم عن الخط المذهبي العام مما يفرض عليه كفقيه نظرية اختيار مجموعة متسقة من الاحكام وحتى لو كان بعض تلك الاحكام مما أدى إليه اجتهاد غيره من المجتهدين فهو يعمل حريته وذاتيته لحذف النتائج المتنافرة أو العناصر التي لا تنسجم مع المجموعات الأُخرى مستبدلا إياها بعناصر أو أحكام أكثر انسجاماً. وتتم عملية تلفيق لاجتهادات عديدة يتوفر فيها الانسجام لينطلق منها باكتشاف الرصيد النظري لها. ز ـ ويؤكّد هنا ان اقل ما يقال في تلك المجموعة: «أنها صورة من الممكن ان تكون صادقة كل الصدق في تصوير واقع التشريع الإسلامي، وليس إمكان صدقها ابعد من إمكان صدق أي صورة أُخرى من الصور الكثيرة التي يزخر بها الصعيد الفقهي الاجتهادي وهي بعد ذلك تحمل مبرراتها الشرعية لأنها تعبر عن اجتهادات إسلامية مشروعة تدور كلها في فلك الكتاب والسنة،