يتحدث دائماً عن ذكريات درس الآخوند بكل تلهف ونشاط حتى كأنه يجلس الآن أمام أستاذه في حلقة الدرس. فمن تأليفاته دورة حاشية «كفاية الاُصول»، وهي ثمرة من ثمرات تلك الفترة، وأنا لم أظفر عليها لحد الآن وكان يحكي ـ كما سمعته ـ قضايا عن أستاذه فيما يخصّ النظام المشروطة وما رآه مرتين في المنام من سقوط أستاذه من السطح مرة، ومرة أخرى أصيب بالرصاص وهو على منبر التدريس في المسجد الهندي فسقط على الأرض مضرّجاً بدمه، وقد استقبله سيّدنا الأستاذ ورفعه على صدره وهو في صورة طفل، فكأنه اُلهم في المنام بما سيلقاه أستاذه الكبير من الصدمات في قضية المشروطة. أقام السيّد الأستاذ في النجف من سنة 1320 حتى سنة 1328 هـ. ثم عاد إلى بروجرد أواخر تلك السنة إثر طلب متكرر من أبيه، على أمل أن يعود إلى النجف ثانية بيد أنه لم ينجح في ذلك. رجع حاملاً معه إجازة أستاذه الآخوند الخراساني وشيخ الشريعة الإصفهاني وقد أجازاه في نفس السّنة كما ستقف عليها ونبحث عنها في آخر هذا البحث. وقد تأسّف الأستاذ الخراساني على فراقه فيما يدور بينهما من الرسائل وكان الأستاذ البروجردي هو الآخر يعبر عن مدى تأثّره دائماً بسبب فراق النجف. وسمعته يقول: «بأنه يأمل العودة إلى النجف.» وبالفعل صمم على ذلك آخر الأمر، حين غضب على أعمال الشاه المضادة للإسلام. وكان هذا مغادرة وإعراضا منه وطعنا بالنظام الحاكم يوم ذاك. وكان في فترة من الزمن يهييء أسبابه لكنه انصرف وعاجلته المنية قبل تحقيق أمنيته.