الحاجة إلى جهد علمي في دراستها) ([66]). وإذا كان الأمر كذلك، فمن الطبيعي ان لا يترك هذا الأمر لكل وارد، وإنّما يجب ان يقوم به المتخصصون، المحققون الذين يملكون ملكة الاجتهاد ويقدرون على استنباط الحكم وتنقيح المواضيع بدقة. فإذا أضفنا إلى الحقائق السابقة، حقيقة أُخرى يتطلبها توحيد الموقف وتحديد المسار العام، خصوصا إذا تعلق الأمر بالقضايا الحساسة والمصيرية والمشاكل الاجتماعية المستعصية، والمسائل المستحدثة التي لها مساقط واسعة، وجدنا ان من الضروري ان تشكَّل المجامع العلمية المشهود لها بالقدرة والنزاهة والموضوعية، ليتم فيها تبادل الرأي في الحكم الشرعي، وفق المنهج السليم المحدد والضوابط الاجتماعية الدقيقة، كما يتم فيها تحديد الموضوعات وملاحظة ملابساتها. وتحديد الموضوع له الدور الكبير في معرفة نوع الحكم بلا ريب، ولا يتم ذلك في كثير من الموارد إلاّ بحضور الاختصاصيين في الطب والفلك والبيئة وأمثال ذلك وتبعا لنوع الموضوع المبحوث عنه. والحقيقة هي ان الأدلة التي قررت مشروعية الاجتهاد والتقليد، لا تقرر هذه المشروعية للآراء المجمعية فحسب، بل تكاد تفرض ضرورتها أحياناً. هذا وقد تمت بعض الخطوات على هذا السبيل من قبيل تشكيل مجمع الفقه الإسلامي بجدة ومجمع فقه أهل البيت (عليهم السلام) في الجمهورية الإسلامية الإيرانية، من قبل قائد الثورة الإسلامية آية الله الخامنئي (دام ظله) وكذلك مجمع البحوث الإسلامية في القاهرة، وهي خطوات قيّمة ولكنها تحتاج إلى تطوير مستمر. الأمر الثاني: قلنا إنه لا ريب في توقف عملية الاستنباط وإصدار الحكم على تنقيح الموضوعات وتحديدها; فالحكم يتغير بتغير الموضوع، وربما ينقلب إلى نقيضه في الحلية أو الحرمة. ولا