رابعاً ـ الاعتبار والنظر والتأمل والدقّة في الاستنباط من القرآن والسنة شيء، والقياس المشار إليه في آخر العبارة شيء آخر، إذا لاحظنا انه مصطلح متأخّر له شروطه وقوانينه، ولذا لا يمكننا ان نسند لهم بكل وضوح قيامهم بالعملية القياسية، وغالبا ما نسب إليهم بل وأحياناً إلى الرسول الكريم (صلى الله عليه وآله وسلم) وهو (ما ينطق عن الهوى) إنّما هو في الواقع تنقيح لصغريات وتطبيق لكبريات وعمومات على مواردها، وهذه أمور ينبغي توضيحها في محلها. خامساً ـ لا ريب في أنهم (رض)، كانوا يعملون بالاستصحاب والبراءة والاحتياط، كل في موارده بعد ورود النصوص الشريفة في ذلك، إلاّ ان النص قد تجاوز كل ذلك. وفي ختام هذا البحث، لابد لي من التنبيه على أمور لها دخلها في عملية الاستنباط الصحيح وفق المنهج القويم، وربما كانت الإشارة من باب الاستطراد. الأمر الأول: إن من المسلم به ان هذا البون التاريخي الشاسع بيننا وبين عصر النص الشريف حمل معه مضاعفات عديدة ـ كما يقول المرحوم الشهيد الصدر ـ (كضياع جملة من الأحاديث ولزوم تمحيص الأسانيد، وتغيير كثير من أساليب التعبير وقرائن التفهيم والملابسات التي تكتنف الكلام، ودخول شيء من الدس والافتراء في مجاميع الروايات، الأمر الذي يتطلب عناية بالغة في التمحيص والتدقيق، هذا إضافة إلى ان تطور الحياة يفرض عدداً كثيراً من الوقائع والحوادث الجديدة لم يرد فيها نص خاص، فلابد من استنباط حكمها في ضوء القواعد العامة ومجموعة ما أعطي من أُصول وتشريعات) ([65]). ثم (ان الحقيقة الإسلامية أعطيت منثورة في المجموع الكلي للكتاب والسنة، وبصورة تفرض