والحقيقة ـ كما مر ـ ان هناك مساحة مقدسة لا يمكن ان تنالها يد المعتدين وهي منطقة النصوص القطعية سندا ودلالة بما تتضمنه من أحكام ومفاهيم قطعية، وهناك في المساحة الظنية أيضاً ما دلت عليه الأدلة القطعية، كأدلة حجية الظهور وغيرها، ما يوفر لنا مساحة كبيرة مصونة من أي تطاول عليها. كما ان العلماء احتاطوا للمساحة الظنية كثيرا لتقليل خطر الذاتية إلى الحد الممكن بعد ان لم يكن مناص من سلوك سبيل الاجتهاد، فهو حالة طبيعية لتفسير أي قانون أو نص. ومن هنا جاء علم أُصول الفقه بقواعده الدقيقة التي تضبط العملية الاجتهادية من خلال: أ ـ بحوث الأدلة المحرزة للواقع الشرعي الشاملة للدليل الشرعي اللفظي وبحوثه المفصلة عن الوضع، والصيغ اللفظية، والدلالات، وحجية الظهور وتطبيقاتها. ثم البحث عن الأدلة العقلية والعلاقات القائمة بين الاحكام في نفسها، ومع موضوعاتها ومتعلقاتها ومقدماتها. ب ـ بحوث الأُصول الشرعية المطروحة لحل الموقف عند غياب الدليل المحرز للواقع بما تشمله من بحث عن منجزية العلم الإجمالي، والاستصحاب. ج ـ بحوث تعارض الأدلة: وهي بحوث غنية مفصلة. وبعد مرحلة أُصول الفقه تأتي البحوث الفقهية المنضبطة بضوابطها الدقيقة. وقد أضاف بعض العلماء ـ بحق ـ موضوع الاعتناء بالمقاصد الشرعية التي علمت من الشريعة لما لها من دخل في عملية الاستنباط. ويمكن ان نضيف إلى ذلك مسألة ملاحظة الصفات الإسلامية العامة المسلمة للإسلام من قبيل: