خطر الذاتية في الاجتهاد ووسائل التحوط: وبطبيعة الحال فان الاجتهاد في الشريعة يحمل معه خطر (الذاتية) حيث تتدخل معه كل ما تملكه الذات التي تمارس العملية من سوابق ورؤى وذوق وزوايا نظر وقناعات، مما يجعل عملية الاجتهاد مختلفة النتائج لدى شخصين يمارسانها في مورد واحد ونصوص واحدة، مما يعني ان شيئا من المعطيات الذاتية أضيف للعملية بعد ان كانت النصوص تعبر عن حقيقة واحد وحكم واحد ـ في علم الله تعالى - رغم ان ما توصل إليه الشخصان من نتائج تعتبر حجة في حقهم وحق مقلديهم. ومن هنا لا يمكن ان تعد النتائج التي يحصل عليها الفكر الإسلامي هي الإسلام بعينه بشكل لا يمكن النقاش فيه. ولا يأتي هذا المعنى حين تكون النصوص قطعية السند وقطعية الدلالة، فلا اجتهاد هنا، وإنّما يقع حينما يدخل الظن والاحتمال. ويرتفع خطر الذاتية إلى مستوىً أعلى حينما تمارس العملية الاجتهادية على مستوى اكتشاف المذهب الإسلامي أكثر منها حينما تمارس على مستوى اكتشاف الأحكام الفردية. ويرجع الإمام الشهيد الصدر هذه الظاهرة إلى منابع أهمها: 1- تبرير الواقع الذي يعيشه المجتهد دون ان يشعر بذلك. 2- دمج النص ضمن أطار خاص. 3- تجريد الدليل الشرعي من ظروفه وشروطه. 4- اتخاذ موقف مسبق تجاه النص.([2]) وهذه هي النقطة التي يسعى من خلالها المشككون في الفكر الإسلامي، والداعون لرفض الاجتهاد للنيل منه وحذف دوره في الحياة وتقليص تأثير المجتهدين فيها بحجة إنها منطقة غير معصومة ولا مقدسة.