وشهدوا عليه بما كان بريئا منه، وقتلوه وهو في رحاب الحرم الشريف، ومن دخله كان آمنا، لكن ذلك كان بسبب سوء ظن طائفة بطائفة، وإثارة العصبيات هي التي تقطع الصلات بين أبناء الدين الواحد.. ومع أن هذه حادثة فردية، وعلى غير أساس.. فإنها أثرت في كثير من المفكرين تأثيرا كانت له عاقبة محمودة، فقد أراد الله للمسلمين أن يلمسوا بأنفسهم موضع الداء.. داء التفرق المذهبي، فكانت هذه الواقعة- بعد أن تكشفت الحقيقة- حافزا للتفكير والعمل، وكثيرا ما يأتي الشر بالخير، فقد تساءل العقلاء: كيف تعيش أمة متفرقة تعادي بعضها بعضا في عالم الأقوياء؟.. وكيف يمكن أن نقدم للعالم مبادئ الإسلام، بينما الإسلام في حرب بين أبنائه وأنصاره داخل بلادهم؟.. وكيف نقنع العالم بأن الإسلام دين التسامح إذا كان التسامح مفقودا بين المسلمين أنفسهم؟. يقول الإمام القمي: من هنا جاءت فكرة التقريب.. فقمنا بدراسة المشاكل الطائفية، والكتب المعتمدة عند الشيعة والسُنّة لنحدد الطوائف التي تتفق في الأُصول الإسلامية، ودرسنا أيضاً الخلافات الفقهية في الفروع.. وتوصلنا إلى أن الهدف هو توحيد صفوف المسلمين على الأُصول والمبادئ الجوهرية في الإسلام على أن يبقى الشيعي شيعيا، والسني سنيا وأن يسود الاحترام بينهما، وأن تتكون جماعة التقريب ممثلة للمذاهب الأربعة المعروفة عند أهل السُنّة، وممثلي مذهب الشيعة الإمامية، ومذهب الشيعة الزيدية، وأن يمثل كل مذهب من المذاهب الستة علماء من ذوي الرأي والمكانة فيه، وأن تكون هذه الجماعة مستقلة بعيدة عن السياسة، ويكون عملها محصورا في البحث العلمي ومحاربة الأفكار الخرافية التي لا تعيش إلاّ في ظل الجهل، والغموض، وقررنا أن تعمل الجماعة أيضاً على مقاومة الطوائف والنحل التي تخالف مبادئ الإسلام والتي يحسبها الشيعي سُنّة، ويحسبها السُني شيعة، بينما هي في حقيقتها مخالفة للإسلام. ويقول الإمام القمي: هكذا تكونت جماعة التقريب، وقمت بالاتصال بالمراكز الدينية في كل بلد إسلامي بهدوء وبعيدا عن الدعاية، ولكن المتعصبين والمتزمتين وذوي