النزعات والأغراض رأوا في نشاط هذه الجماعة بدعة لا يصح السكوت عليها، فبدأوا الهجوم على الفكرة وعلى الجماعة، وكان الهجوم ذاته دليلا على ضرورة فكرة التقريب كي يتخلص المجتمع الإسلامي من العناصر ذات التفكير الجامد الذي يصرف الأذهان عما ينفع الناس، وأذكر أن أحد هؤلاء المتعصبين ملأ كتابا بالطعن على الشيعة والهجوم على جماعة التقريب واعتبر عملها فعلة نكراء، وفي نفس الوقت أعيد طبع كتاب من الطرف الآخر من الكتب المؤلفة في عهد الصفوية مليء بالهجوم على أهل السُنّة.. ولم يقف الأمر عند هذين الكتابين.. بل جاء من مثلهما الكثير.. ورأى البعض أن ما نقوم به (محاولة مستحيلة)، ورأى آخرون أن هذه الدعوة وراءها هدف سياسي.. ولم يؤثر ذلك في عزيمة أهل العزائم، فاستمروا في الدعوة وأصدروا مجلة رسالة الإسلام، وكان كل عدد منها يزيل الستار عن جزء من المحجوب، وتبين من أبحاث الفقهاء والعلماء الثقات من السُنّة والشيعة أن المشاكل الطائفية بينهما، إنّما كانت نتيجة تحركهم في ظلام الجهل، حيث لم يكن بعضهم يرى الآخر إلاّ أشباحا مخيفة.. وظهر أن المسلمين لا يختلفون في الكتاب، ولا في الصلاة، ولا في الصوم، ولا في الحج، ولا يختلفون قيد أنملة في أُصول العقائد وأصول الدين والتوحيد والنبوة، وليس يضيرهم أن يكون لبعضهم مذهب يقول عن الشيعة بأن عليا رضي الله عنه وأولاده أحق بالولاية من غيرهم.. وكان من نجاح جماعة التقريب أن تعرّف أهل السُنّة على أبحاث واجتهادات الشيعة في الفقه، وتعرّف الشيعة على فقه السُنّة، واكتشفوا إجماع الشيعة والسُنّة على حب أهل البيت وإكرامهم، وأن ما صدر عن بعض الظالمين لا يمثل رأي أهل السُنّة في أهل البيت، وعرف أهل السُنّة أن الشيعة يعتبرون الغلاة نجسا ويحكمون عليهم وعلى أهل الحلول بالخروج على أُصول الإسلام. وإذن فشتان بين الشيعة على حقيقتها، والشيعة التي تصورها البعض متأثرين بالدعايات والأكاذيب.