يقول الإمام القمي: ظلت الفرقة بين المسلمين، لأنها كانت تناسب الحكام على مدى قرون، وكان الحكام يستغلونها لتثبيت سلطانهم، ثم جاءت السياسات الأجنبية، وجاء المستشرقون ليكملوا المهمة بدس السموم التي انخدع بها البسطاء، فكان بعضهم يحكم على البعض الآخر، بما كتبه هذا المستشرق أو ذاك. هكذا وقع المسلمون في فخاخ المستشرقين من ناحية، والمؤرخين الدساسين ومروجي الأوهام من ناحية أُخرى، وانخدع كثيرون بما في بعض الكتب القديمة من أكاذيب وسيطرت عليهم هيبة القديم والمألوف، فحرموا أنفسهم من واجب التفكير فيما ردده هؤلاء وهؤلاء.. وفقدوا الحق في أن يكون لهم تفكير مستقل يقرأ ويرى ويحكم بما يلمسه في الواقع وليس بما قاله الآخرون. يقول الإمام القمي: ليس لمسلم أن يبتكر اسما لله لم يرد عن الله، أو أن يبتدع عبادة لم يشرعها الله، أما البحث والتفكير، فقد فتح الله أمام المسلم أبوابهما ودعاه إلى التفكير والنظر، وعدم الحكم على الأُمور بالظن أو بالسماع.. ودعانا ربنا إلى نبذ التعصب الطائفي، وعلينا أن نتذكر أن الذين حكموا باسم الخلافة الإسلامية قرونا طويلة كانوا يرون أن آل علي رضي الله عنه هم المعارضون لهم، فكانوا يسيئون إلى شيعة علي، ويستخدمون الأقلام والألسنة ضدهم، حتى أوجدوا حول الشيعة كثيرا من الخلط والتشويش.. وكان من الممكن لأي مصلح أن يمنع شر التفرق، ولكن القوة التي كانت بيد الخلفاء، والقوة التي كانت لبعض الحكام الأجانب بعد ذلك.. حالت دون التقريب.. يقول الإمام القمي: نعم كانت هناك أحداث صورت على غير حقيقتها فزادت من الفرقة.. وعلى سبيل المثال حدث أن ذهب شاب لأداء فريضة الحج، وكان قد قطع مراحل من سفره سيرا على قدميه، وعندما وصل إلى البيت الحرام غلبه القيء فتلقاه في ملابس الإحرام حرصا على طهارة البيت، ولكن حظه السيئ جعل أحد الطائفين يخيل إليهم أنه يحمل ما يحمل يريد به تلويث البيت فصاح في الناس، فهاجوا وتجمعوا عليه،