وجاهد في سبيلها، واشترك معه، وعاونه عدد من كبار أئمة السُنّة والشيعة. يقول الإمام القمي: إنه عندما بدأ نشاطه في الدعوة إلى التقريب بين السُنّة والشيعة وجد هجوما من الذين يريدون إثارة العداء والبغضاء بين المسلمين، ووجهوا إليه أغرب التهم.. قال بعضهم إن دار التقريب من صنع الاستعمار البريطاني (!) وقال بعضهم الآخر إنها من صنع الاتحاد السوفيتي لتكون منفذا لنشر الشيوعية (!) وقال آخرون إنها من صنع المخابرات الأمريكية (!) بل قال البعض: إن هذه الدعوة في عهد الملك فاروق كانت لنشر مذهب الطائفة الإسماعيلية وهدفها إعادة الحكم الفاطمي إلى مصر(!).. ويقول: كانت (الموضة) السائدة في ذلك الوقت الإساءة في تفسير أي عمل باتهامه بأن الاستعمار الإنجليزي وراءه، ويقول ردا على هذه التهمة: إن الإنجليز يعملون على التفرقة بين أبناء الدين الواحد وأبناء الوطن الواحد، ولو أنهم فكروا حقيقة في العمل على التقريب بين المسلمين فكيف نرفض نحن هذه الدعوة؟ وخرجت فكرة التقريب من محيط العلماء إلى محيط أوسع هو المجتمع العام، وتحدثت عنها الإذاعات، والصحف، والمجلات.. يقول الإمام القمي: كان الإقدام على العمل للتقريب مجازفة خطيرة، وكانت أمامنا أسئلة كثيرة: هل يقدر المسلمون على أن يعالجوا مشاكلهم بأنفسهم؟.. وهل هناك مبادئ في صميم الإسلام تضمن للأمة الإسلامية وحدتها؟.. وهل يفهم المسلمون أن التقريب معناه نبذ كل خلاف أو أنهم لا يرون بأسا من وجود خلاف- لا يفسد الوحدة- قائم على دليل، ونابع من ذات الأُصول التي يجمع عليها المسلمون والتي لا يحق لمسلم أن يختلف عليها؟.. وهل تتحكم المصلحة ويسيطر التعصب أو ينتصر العقل وتسود الحكمة وسعة الأفق؟.. وأخيرا.. هل يريد المسلمون أن يعيشوا معا أو يقبلون أن يتركوا أمرهم لأعدائهم؟.. وهل يدرك المسلمون أن أعداءهم يعرفون كيف ينتهزون الفرصة، ويستفيدون بموقف المتزمتين والداعين إلى جمود الفكر والفعل؟.