وكان لجماعة التقريب بين المذاهب نشاط ملحوظ في مصر وإيران، وقد أسس الإمام القمي فرعا لها في طهران جذب عددا من القيادات الدينية الشيعية هناك. كان الإمام القمي يؤمن بدعوته وبأنه يقوم بمهمة مقدسة تلبية لدعوة إلهية، وأنه يساهم بها في حركة الإصلاح الإسلامي، وكان يردد دائما الآية الكريمة: (إنّما المؤمنون إخوة، فأصلحوا بين أخويكم، واتقوا الله، لعلكم ترحمون). ([128]) ويقول في تفسيرها: إن الجملة الأولى تقرر حقيقة هي أن المؤمنين إخـوة، ويجب أن يكونــوا كـــذلك دائمــا ما داموا مؤمنين، وهذا أمر ربهم، فإن لم يفعلوا فإنهم يخالفون بذلك أمر الله ويخرجون على طاعته. وليس لمسلم أن يكون له هدف يخالف هذا الهدف، أو أن يأتي بفكرة أو عمل يخرج بها عن مقتضيات هذه الأخوّة لأي سبب من الأسباب.. والجملة الثانية من الآية تأمر بإصلاح ذات البين، أي أن يبعد المسلمون أنفسهم عن كل ما يمكن أن يفسد علاقة الأخوة التي قررها وقدرها الله بينهم، وفي ذلك تحذير الرسول (صلى الله عليه وآله وسلم): (إن فساد ذات البين هي الحالقة).. والجملة الثالثة من الآية تأمر بأن يكون الإصلاح بين المسلمين في ظل تقـوى الله، فتحذر بذلك من اتباع الأهواء، أو تغليب المصالح والمكاسب الدنيوية الزائلة، أو التمسك بالخطأ وادعاء من يسعى بالخلاف بين الإخوة بأنه على الصواب، وأنه لا يريد إلاّ الإصلاح بينما هو يريد الإيقاع بين المؤمنين وتفريق صفوفهم وإثارة النزاعات فيما بينهم.. أما الجملة الرابعة فإن الله يوجه فيها إلى الثمرة التي يفوز بها من اتبع أوامره السابقة، والثمرة هي رحمة ربنا (لعلكم ترحمون) والرحمة هي أعظم جائزة في الدنيا وفي الآخرة (كلكم هالك إلاّ من رحمته). أما دار التقريب بين المذاهب الإسلامية فقد تأسست سنة 1951، وكان سكرتيرها العام ثم رئيسها هو الإمام محمد القمي، وقد كتب عنه الشيخ محمد المدني أستاذ الشريعة الكبير أنه رجل عاش للتقريب، وإنه كان أول من دعا إلى هذه الفكرة وهاجر