وغدنا الأمثل الذي لامحيد عنه، ولنجعل قضايانا التي نشترك فيها جميعا ولا نختلف مطلقا في مجالها منطلقا للموقف الموحد في جميع المجالات الحياتية. ان المسلمين جميعاً ينطلقون من أُصول العقيدة الأولى، ويرجعون إلى المنبعين الرئيسيين، الكتاب الكريم، والسنة الشريفة، ويؤمنون بالإسلام منهج حياة. وما أروع هذه المنطلقات الواسعة إذا استوعبتها الأُمة وإذا صممت على تحويل الإيمان بها إلى واقع قائم، وبالتالي لتكوين اللقاء الموحد في مختلف المجالات. فليعمل المفكرون والمسؤولون، والواعون المتألمون لقضايا أمتهم، العاملون على دفع مسيرتها إلى الأمام على تحقيق هذا الهدف الكبير عبر تعميق الأسس المشتركة للثقافة الإسلامية في وجود الأُمة وتوضيح مقتضياتها العملية. ان الثقافة العامة يمكن تلخيصها – كما يقول المفكر الإسلامي (مالك بن نبي) في مطلع كتابه (مشكلة الثقافة) – بأنها (لاتضم في مفهومها الأفكار فحسب، وإنّما تضم أشياء اعم من ذلك كثيرا تخص أسلوب الحياة في مجتمع معين من ناحية، كما تخص السلوك الاجتماعي الذي يطبع تصرفات الفرد في ذلك المجتمع من ناحية أُخرى). ووفق هذا التصور نستطيع القول بان الثقافة هي (الفكر والعمل الفردي والاجتماعي) وهما أمران يصوغهما الإسلام ويطبعهما بطابع عالمي إنساني لا يتغير إلاّ بتفاصيله. ومن هنا نجد: أولاً: ان الفكر الإسلامي أينما كان يتميز بالإلهية والاتجاه نحو الله تعالى في كل الحالات، والتوكل عليه، واستمداد الهدى منه. ثانيا: ان الحياة الفردية والأسرية والاجتماعية للمسلم تتشكل بمقتضى التعاليم القرآنية حتى انك لتجد المسلم العادي في مختلف أحواله وبمستوى ثقافته يتمتم بالآية الكريمة أو الحديث الشريف ليفسر وضعه الذي يعيشه من نعمة أو بؤس أو فرح أو حزن.