وهم من فضلاء الصحابة وخيارهم ـ يسمعون لهم ويطيعون في المعروف، ويصلّون خلفهم الجُمَع والأعياد، ولم يأمروا الناس بالخروج عليهم، ونزع الطاعة من أيديهم بسبب ما هم عليه من الجور والظلم أو الفسق الذي لم يخرجهم عن الإسلام، بل كانوا يحثّون الناس على السمع والطاعة لهم في المعروف، والصبر على ما ينالهم من ظلم وجور لما يعلمونه من وجوب السمع والطاعة لولاة أُمور المسلمين وإن جاروا وظلموا»[509]. إلى غير ذلك من الفتاوى التي يطلقها الشيخ في دعم وإسناد الظالمين. ونحن نتمنّى أن يتناول العلماء مسائل حساسّة وخطيرة من هذا النوع بشيء أكثر من الدراسة الفقهية، آخذين بنظر الاعتبار وجهات النظر الأُخرى في هذه المسألة وأدلّتها، ونتمنّى أن يعيد العلماء النظر في هذه المسألة وأمثالها بدقّة وجديّة واهتمام. اتّجاهان في النهي عن المنكر هناك اتّجاهان ورأيان في الإنكار على الحكّام الظَلَمة والطغاة وأئمة الجور: الأول: الاتّجاه الذي يذهب إليه حَمَلة هذا الرأي، وهو الطاعة، وحضور الأعياد والجمعات والتأييد، والانقياد، والاتّباع، وتحريم الخروج. يقول الشيخ العنقري: «وأمّا ما قد يقع من ولاة الأُمور من المعاصي والمخالفات التي لا توجب الكفر والخروج من الإسلام، فالواجب فيها مناصحتهم على الوجه الشرعي برفق، واتّباع ما كان عليه السلف الصالح من عدم التشنيع عليهم في المجالس ومجامع الناس». ثمَّ يقول: «واعتقاد أنّ ذلك (يعني التشنيع) من إنكار المنكر، الواجب إنكاره على العباد، غلط فاحش، وجهل ظاهر»[510].