ولست أدري أين تقع هذه الفتاوى من محكمات كتاب الله التي تأمر بالأمر بالمعروف والنهي عن المنكر، ورفض الظالمين والكفر والطاغوت، وعصيان أمر الآثمين والظالمين، وعدم الركون إليهم، ومن قوله تعالى: (إِنَّ الَّذِينَ تَوَفَّاهُمُ الْمَلآئِكَةُ ظَالِمِي أَنْفُسِهِمْ قَالُواْ فِيمَ كُنتُمْ قَالُواْ كُنَّا مُسْتَضْعَفِينَ فِي الأَرْضِ قَالْوَاْ أَلَمْ تَكُنْ أَرْضُ اللّهِ وَاسِعَةً فَتُهَاجِرُواْ فِيهَا) فيسمّي الله تعالى أُولئك المستضعفين بـ «الظالمين» ويساوي بينهم وبين مَن ظلمهم ; لأنّهم رضخوا للظلم ؟ ! ويروي مالك بن دينار: أنّه جاء في بعض كتب الله: «أنا الله مالك الملوك، قلوب الملوك بيدي... فلا تشغلوا أنفسكم بسبّ الملوك، ولكن توبوا أعطِفُهُم عليكم». وهذا الذي يرويه مالك بن دينار عن بعض كتب الله يعارض صراحةً وبوضوح ما جاء في القرآن، فأيّهما يختار مالك بن دينار: آية البقرة: 124 وآيتي النساء: 60 و 97 وآيتي الشعراء: 151 و 152 وآية الإنسان: 24، أم ما قيل ورُوي عن بعض كتب الله ؟ ! وإذا كان الأمر كذلك لبعض المصالح السياسية في عصرنا ! ! وهو ليس كذلك، فلماذا نتستّر على جرائم الطغاة والجبابرة في التاريخ ؟ يقول أحدهم في سياق الدفاع عن هذا الرأي، والاحتجاج له بسكوت الصحابة والتابعين عن فجور يزيد، ومروان، والوليد، والحجّاج، وعبد الملك... يقول: «بعض الخلفاء الذين فيهم شيء من الظلم والجور أو الفسق، مثل: يزيد بن معاوية ومروان...»[505]. نعم في يزيد شيء من الظلم والجور فقط ! ! سبحان الله ! ! فما هو الظلم والجور والفسوق كلّه يا تُرى إذا كان هذا الذي نعرفه من يزيد بن معاوية شيء من الظلم فقط ؟ !