وتحريم الخروج عليهم. يقول النووي في شرحه على صحيح مسلم: «قال العلماء: وسبب عدم انعزاله وتحريم الخروج عليه: ما يترتّب على ذلك من الفتن وإراقة الدماء وفساد ذات البين، فتكون المفسدة في عزله أكثر منها في بقائه. فلو طرأ على الخليفة فسق قال بعضهم: يجب خلعه، إلاّ أن يترتّب عليه فتنة وحرب. وقال جماهير أهل السنّة من الفقهاء والمحدثين والمتكلّمين: لا ينعزل بالفسق والظلم وتعطيل الحقوق، ولا يُخلع، ولا يجوز الخروج عليه بذلك، بل يجب وعظه وتخويفه ; للأحاديث الواردة في ذلك»[492]. ويقول شارح العقيدة الطحاوية: «وأمّا لزوم طاعتهم وإن جاروا، فلأنّه يترتّب على الخروج من طاعتهم من المفاسد أضعاف ما يحصل من جورهم». ويقول الشيخ محمد بن عبدالله بن سبيل ـ إمام مسجد الحرام ـ في تحريم الخروج عليهم، ونزع الطاعة من أيديهم: «سواء كانوا أئمةً عدولاً صالحين أم كانوا من أئمة الجور والظلم... فإنّه أخفّ ضرراً، وأيسر خطراً من ضرر الخروج عليهم»[493]. ويقول أيضاً: «فإنّ الصبر على جور الأئمة وظلمهم، مع كونه هو الواجب شرعاً، فإنّه أخفّ من ضرر الخروج عليهم، ونزع الطاعة من أيديهم، لما ينتج عن الخروج عليهم من المفاسد العظيمة. فربّما كان الخروج سبب حدوث فتنة يدوم أمدها، ويستشري ضررها، ويقع بسببها سفك للدماء، وانتهاك للأعراض، وسلب للأموال، وغير ذلك من أضرار كثيرة ومصائب جمّة على العباد والبلاد»[494].