الدماء بغير حقّ، فاحتمله مراراً ثمّ قتله. وقضيّته في أمر زيد بن علي مشهورة، وفي حمله المال إليه، وفتياه الناس سرّاً في وجوب نصرته، والقتال معه، وكذلك أمره مع محمد وإبراهيم بن عبدالله بن الحسن، وقال لأبي إسحاق الفزاري حين قال له: لِمَ أشرت على أخي بالخروج مع إبراهيم حتّى قُتل ؟ قال: مخرج أخيك أحبّ إليّ من مخرجك، وكان أبو إسحاق قد خرج إلى البصرة. وهذا إنّما أنكره عليه أغمار أصحاب الحديث، الذين بهم فقد الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر، حتّى تغلّب الظالمون على أُمور الإسلام»[489]. ويقول الماوردي في «الأحكام السلطانية»: «إذا طرأ «الفسق» على من انعقدت إمامته خرج منها، فلو عاد إلى العدالة لم يعد إلى الإمامة»[490]. ويقول ابن حزم الأندلسي في «الفصل في الملل والنحل»: «إن امتنع «الحاكم» من إنفاذ شيء من الواجبات عليه، ولم يراجع، وجب خلعه، وإقامة غيره ممّن يقوم بالحقّ، لقوله تعالى: (وَتَعَاوَنُواْ عَلَى الْبرِّ وَالتَّقْوَى وَلاَ تَعَاوَنُواْ عَلَى الإِثْمِ وَالْعُدْوَانِ)ولا يجوز تضييع شيء من واجبات الشرائع»[491]. الاستدلال على تحريم الخروج على الظالم بالعناوين الثانوية قد يستند أصحاب هذا الرأي في حرمة الخروج على الظالم بما يؤدّي إليه الخروج والتمرّد على الظالم غالباً من الفتن السياسية والاغتشاش، وقد يكون الحاكم الذي يلي الأمر من بعد الحاكم الظالم أكثر ظلماً وفحشاً وفساداً وهذا آخر ما يذكره أصحاب هذا الرأي من الدليل على رأيهم في الانقياد للحكّام الظالمين،