نماذج أُخر من سيرة المسلمين في الخروج على الحكّام الظَلَمة وخرج على يزيد في وقعة الحرّة التي استباح فيها يزيد حرم رسول الله (صلى الله عليه وآله وسلم)، خرج عليه خيار المسلمين والتابعين وأبناء الصحابة، مثل: عبدالله بن حنظلة غسيل الملائكة، وعبدالله بن أبي عمرو بن حفص، والمنذر بن الزبير، وعبدالله بن مطيع...، وكان عبدالله بن حنظلة الغسيل يقول: والله ما خرجنا على يزيد حتّى خفنا أن نُرمى بالحجارة من السماء، رجل ينكح الأُمهات والبنات والأخوات، ويشرب الخمر، ويدع الصلاة، ويقتل أولاد النبيّين[488]. مخالفة الفقهاء لدعوى الإجماع وخرج عن هذا الإجماع كبار الفقهاء، منهم: أبو حنيفة، كما يقول أبو بكر الجصّاص في «أحكام القرآن». يقول الجصّاص: «كان مذهبه مشهوراً في قتال الظَلَمة وأئمة الجور، ولذلك قال الأوزاعي: احتملنا أبا حنيفة على كلّ شيء حتّى جاءنا بالسيف، يعني: قتال الظَلَمة، فلم نحتمله. وكان من قوله: وجوب الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر فرض بالقول، فإن لم يؤتمر له فبالسيف، على ما روي عن النبي (صلى الله عليه وآله وسلم). وسأله إبراهيم الصائغ ـ وكان من فقهاء أهل خراسان ورواة الأخبار ونسّاكهم ـ عن الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر، فقال: هو فرض. وحدّثه بحديث عن عكرمة عن ابن عباس: أنّ النبي (صلى الله عليه وآله وسلم) قال: «أفضل الشهداء حمزة بن عبدالمطلب، ورجل قام إلى إمام جائر فأمره بالمعروف ونهاه عن المنكر فقُتل». فرجع إبراهيم إلى مرو، وقام إلى أبي مسلم صاحب الدولة، فأمره ونهاه، وأنكر عليه ظلمه وسفكه