فقال لي: «يا صفوان، أيقع كراؤك عليهم ؟» قلت: نعم، جعلت فداك، قال: «أتحبّ بقاءهم حتّى يخرج كراؤك ؟» قلت: نعم، قال: «مَن أحبّ بقاءهم فهو منهم، ومَن كان منهم كان ورد النار». قال صفوان: فذهبت فبعت جمالي عن آخرها، فبلغ ذلك إلى هارون، فدعاني، فقال لي: يا صفوان، بلغني أنّك بعت جمالك، قلت: نعم، قال: ولِمَ ؟ قلت: أنا شيخ كبير، وإنّ الغلمان لا يفون بالأعمال، فقال: هيهات هيهات، إنّي لأعلم مَن أشار عليك بهذا، أشار عليك بهذا موسى بن جعفر، قلت: مالي ولموسى بن جعفر ؟ فقال: دع هذا عنك، فوالله لولا حسن صحبتك لقتلتك[469]. ـ روى الصدوق في عقاب الأعمال بسنده عن السكوني، عن جعفر بن محمد، عن آبائه (عليهم السلام)، قال، قال رسول الله (صلى الله عليه وآله وسلم): «إذا كان يوم القيامة، نادى مناد: أين أعوان الظَلَمة، ومَن لاق لهم دواةً، أو ربط كيساً، أو مدّلهم مَدّة قلم، فاحشروهم معهم»[470]. ـ وروى ابن حجر في «الزَواجر» باب: ظلم السلاطين والأُمراء والقضاة: جاء خيّاط إلى سفيان الثوري، فقال: إنّي أُخيط ثياب السلطان، أفتراني من أعوان الظَلَمة ؟ فقال له سفيان: أنت من الظَلَمة أنفسهم، ولكن أعوان الظَلَمة مَن يبيع منك الإبرة والخيوط[471]. وهذه الروايات كثيرة من طريق الفريقين وإنْ كانت واردة في تحريم إعانة الظالم والتحذير عنه حتّى لو كان بقدر مَدَّة قلم، وتغليظ الإنكار على ذلك، إلاّ أنّ التأمّل في هذه الروايات يُفضي إلى القول بحرمة الركون للظالم والرضوخ له، والنهي عن