قبول سيادته وسلطانه والاعتراف به، والنهي عن الانضواء تحت لوائه في الحرب والسلم، ولا نحتاج إلى تأمّل كثير لنخرج بهذه النتائج من التأمّل في أمثال هذه الروايات. الإجماع ومناقشته يذهب أصحاب هذا الرأي إلى أنّ مسألة الرضوخ والانقياد للحاكم الظالم، في غير معصية الله، ممّا تسالم عليه الفقهاء، وأجمعوا عليه من غير خلاف. وقد سمعنا من قبل بعض كلمات هؤلاء: يقول النووي في شرحه على صحيح مسلم، في التعقيب على رواية عبادة بن الصامت التي مرّت علينا من قبل: «ومعنى الحديث: لا تنازعوا ولاة الأُمور في ولايتهم، ولا تعترضوا عليهم إلاّ أن تروا منهم منكراً محقّقاً تعلمونه من قواعد الإسلام، فإذا رأيتم ذلك فأنكروه عليهم وقولوا بالحقّ حيث ما كنتم، وأمّا الخروج عليهم وقتالهم فحرام بإجماع المسلمين وإن كانوا فَسَقَة ظالمين، وقد تظاهرت الأحاديث بمعنى ما ذكرته، وأجمع أهل السنّة أنّه لا ينعزل السلطان بالفسق. وأمّا الوجه المذكور في كتب الفقه لبعض أصحابنا: أنّه ينعزل ـ وحُكي عن المعتزلة أيضاً ـ فغلط من قائله، مخالف للإجماع»[472]. ونقل ابن حجر في «الفتح» عن ابن بطّال أنّه قال: «وقد أجمع الفقهاء على وجوب طاعة السلطان المتغلّب والجهاد معه، فإنّ طاعته خير من الخروج عليه... ولم يستثنوا من ذلك إلاّ إذا وقع من السلطان الكفر الصريح»[473].