توحيد الطاعة يحكم العقل بوجوب الطاعة لله حكماً قطعياً، على أيّ مبنىً وأيّ نظرية في حكم العقل. وإذا تمّ هذا الأساس، فإنّنا نعلم أنّ الله تعالى يحكم بأنّ الطاعة لله وحده، والحكم لله تعالى وحده في حياة الإنسان، وليس من طاعة مشروعة لأحد على الآخرين، إلاّ إذا كان بأمر الله، يقول تعالى: (أَفَغَيْرَ دِينِ اللّهِ يَبْغُونَ وَلَهُ أَسْلَمَ مَن فِي السَّمَاوَاتِ وَالأَرْضِ طَوْعاً وَكَرْهاً وَإِلَيْهِ يُرْجَعُونَ)[356]. (إِنِ الْحُكْمُ إِلاَّ لِلّهِ أَمَرَ أَلاَّ تَعْبُدُواْ إِلاَّ إِيَّاهُ ذَلِكَ الدِّينُ الْقَيِّمُ)[357]. (اتَّبِعُواْ مَا أُنزِلَ إِلَيْكُم مِّن رَّبِّكُمْ وَلاَ تَتَّبِعُواْ مِن دُونِهِ أَوْلِيَاء)[358]. وهذه الآية الكريمة حاصرة للحاكميّة والسيادة في الله تعالى، وليست فقط مثبتة حتّى يقول قائل بعدم التنافي بين وجوب طاعة الله تعالى وطاعة الآخرين. فلا طاعة ولا ولاية لأحد على الآخرين إلاّ إذا كان في امتداد ولاية الله وطاعته، وكلّ ولاية مشروعة، وكلّ طاعة مشروعة في هذا الدين، لابدّ أن يقع في امتداد ولاية الله وطاعته، حتّى ولاية الإنسان على نفسه فإنّها تابعة لولاية الله، فلا يجوز للإنسان أن يتصرّف في شؤون نفسه بما لا يأذن الله تعالى. و «الولاية» و «الطاعة» في الإسلام داخلتان في مقولة التوحيد، فلا ولاية لأحد غير الله على أحد إلاّ في امتداد ولاية الله، ولا طاعة على الناس لأحد غير الله تعالى إلاّ في امتداد طاعة الله.